بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 شباط 2023 12:00ص فانتاستيكا الخيال التشكيلي في أعمال الفنانة البلغارية لاتينكا مينكوفا

من أعمالها من أعمالها
حجم الخط
تكتسب لوحات الفنانة البلغارية «لاتينكا مينكوفا» (Latinka Minkova) حركة مزدوجة فنياً، لإبراز قيمة فانتاستيكا الخيال التشكيلي برومانسية ذات بُعد بؤري شفاف، تنقلنا من خلاله إلى عالمها الفنتازي الخاص، وإلى واقع مرادف للخيال، إلا أنه يكشف عن ظاهرة الفن البلغاري البعيد عن التقليد الكلاسيكي المصحوب برؤية تطورت عصريا بشكل مذهل خياليا، إذ يمثل الخيال في لوحاتها جمالية لا عبث فيها، إنما ترتبط بما يستحق الإهتمام بالخيال البلغاري تحديدا، والذي عرفناه في الأدب وفي الفن بعيداً عن العقلانية والمادية العلمية، بسحر ينساب بصريا مع الحدس بالمعنى الذي تطلقة على أنواع الحركة في الأشكال وتسلسلها الملتزم بالتفاعل الحركي بين الألوان والأشكال، متحررة من سيطرة العقلانية، بما يتوافق مع المبدأ الفنتازي، بجرأة تثير الفضول لمعرفة البيئة الثلجية الباردة التي تتميّز بها ألوانها رغم نارية بعضها. إلا أن الأبيض المتوهج والمريح بصريا يكلل غالبا لوحاتها بعيداً عن الزمان والمكان، وفق تقنيات بصرية حسية مستخرجة من الحكايا الشعبية البلغارية. إذ يمكن الدخول إلى عوالمها بشكل حسي غريب الأطوار وغير مسبوق في بساطة الأشكال وتعقيدها، وحتى معاييرها المحسوبة بدقة، معبّرة عن ذلك بالتمايل والإمتداد عبر تأملات طويلة مفتوحة على عدة تأويلات. فلكل شكل من الأشكال في لوحاتها تجربة حسية فانتازية مع شاعر أو أديب أو قصر أو حتى ابتكارات أبعدتها عن المفاهيم التقليدية في عصر اتسم بما بعد الحداثة، لرفض التقدم التقني والفهم العلمي وفق انعكاسات المؤثرات الأخرى على فنها المغمّس بالسحر الخيالي البلغاري، ومقارباته التي تتقاطع بشكل تدريجي مع ما هو مرتبط عقلانيا بالهندسة المعمارية البعيدة عن الأساطير والخرافات من خلال الرؤية النقية للفانتاستيكا الأكثر نقاء من النواحي الجمالية المتعددة التي تتميز بها لوحاتها. فهل الأشكال غريبة الأطوار في لوحاتها هي تجربة حسية تشكيلية ذات ابتكارات تسارعت في هذا الزمن الذي أصبحنا نطلق عليه ما بعد الحداثة؟ أم أنها تناشد الحس بشكل أكثر موثوقية جماليا لتعيدنا إلى الحقبة الرومانسية التي لجأ إليها الأدب والفن في بلغاريا؟
تبتكر لاتينكا مينكوفا أساليب تقترب من العقود السابقة في الفن وتختلف عنها في الاتجاهات والأساليب التي تشترك مع فلسفة الخيال الفنتازي وسحره وتأثيره بصريا على الحس الإنساني الذي يرى الواقع من خلال الخروج منه إلى عالم السحر والدهشة والحركة الضوئية واللونية وحتى الفراغات والامتداد والليونة التي تحكم العناصر كافة في لوحة يمكن أن أطلق عليها الألوان والأشكال الراقصة بصريا لنتساءل عن مكان أو زمان أو حتى روح الشيء الذي ترسمه وتمنحه قيمة حياتية مختلفة تختفي أمامه الأدوات وربما تذهب إلى أبعد من ذلك من خلال تعزيز تعديل فكرة السحر الخيالي وتعدداته الجمالية التي تقود الفكر الى قصور الأباطرة أو حكايا هوفمان أو الإنتقال مع موسيقى الألوان إلى التقاط النغمة الانتقالية من لون إلى لون ومن شكل إلى شكل تبعا للتناغم السلس الذي يشعر به المتأمل للوحاتها الشغوفة بالليونة التي تنطوي على تكوينات هي همزة وصل بين الوعي الحركي في القدرة على خلق الإحساس بقوة الفانتاستيكا ودورها في بث البهجة الناتجة من المعاني الساحرة والجاذبة للدخول في عمق محاكاتها التعبيرية التي لا تخلو من مناجاة رومانسية للكثير من الحكايا الشعبية الهادفة للخروج من الواقع الفعلي أو من قساوة الأحداث المختلفة وعصر الرقمية الفنية، لتخرج ريشتها بذلك من كبح ملامح الواقع بما يقابله من مفردات أخرى بتفاصيل مهمة على مستويين فنتازي وسحري وبحفاوة الفانتاستيكا؟