بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 شباط 2019 12:02ص فك رموز «المدينة العربية والحداثة» في كتاب د. خالد زيادة

حجم الخط
تلعب المراجع المهمة الدور الأساسي في  فك رموز كتاب الدكتور «خالد زيادة» الصادر عن «دار رياض الريس للنشر والتوزيع» تحت عنوان «المدينة العربية والحداثة» من كتاب «الخراج وصناعة الكتابة» وصولا الى «مدن اسلامية في عهد المماليك»، مما يشكل نوعا من التوثيق الاجتماعي الذي يضفي على ملامح الزمن والتاريخ نوعا من رؤية واضحة  تشكل دراسة تهدف الى فك الغموض التاريخي او اعادة خلق مساحة عربية لتفسير مصطلح المدينة او اثارة التساؤلات المؤدية الى استكشافها عبر التاريخ ضمن سياقات مختلفة. كشف عنها الى ما ابعد من دائرة الباحثين في ضوء مسيرة حياته واهتمامه في تفسير المدينة وتحولاتها دون أن ينسى طرابلس الواقعة في شمال لبنان، وهي المدينة التي ولد فيها وشهد على تغيراتها نسبيا ان صح القول. «تعكس تجربتي في المدينة والتحولات التي عرفتها المدينة في الخمسينات والستينات في القرن العشرين، وعشتها أنا». فهل من تباطؤ في حداثة المدن العربية؟ ام هو الزمن وتحولاته المؤثرة على الانسانية بشكل عام؟ 
التمسك بالعربية،  ووحدة المدينة وتراث جمعه العلماء من العصر المملوكي،  ومفردات هي من الاشكاليات والمصطلح قبل الدخول الى المدينة العثمانية والتعارض بين المدينة والريف في المجتمعات الإسلامية، وتراكمات تاريخية تؤدي كل منها الى منح التتابع قيمة التغيرات التي حدثت بالفعل كالقسطنطينية وتحولها الى اسطنبول،  وما اكتسبته هذه المدينة على مر التاريخ، مما جعلها تتغير دون ان تتخلص من المكتسبات الاجتماعية الشىء الكثير. الا بما يخص التغيرات السياسية او تغيرات سلطة الحكم بين المملوكي والعثماني وصولا الى «سيطرة اوروبا الكاثولكية على مداها الجغرافي» فهل كانت الكاثولكية  تشكل عائقا لتطور المجتمع المسيحي؟ أم أن اظهار اخطاء الماضي وظروف التغيرات التاريخية على المدن العربية هي لاعادة انتاج الماضي تحليليا باسلوب علمي تاريخي اجتماعي سياسي وغير ذلك. 
قواعد بحثية سار عليها دكتور «خالد زيادة» وفق تراكم الاحداث في التاريخ نفسه مسلطا الضوء على احداث الماضي، وبانضباط نستخلص منه الفهم المنطقي للحاضر. خاصة في فصل المدينة العثمانية وكل ما هو مرتبط بالمدينة الإسلامية وما تمثله اسطنبول من نموذج فريد سعى اليه ليؤكد ان ما نعيشه من تغيرات يومية تؤثر على سلوكياتنا مع الإخرين ضمن القواعد الاجتماعية الثابتة التي تثير الكثير من التساؤلات على صعيد الحداثة. خاصة في المدن المكتظة مثل حلب التي تسببت الزيادة «السكانية هجرة أهل الأرياف إلى المدن هرباً من التكاليف الضريبية التي ما عادو قادرين على تلبيتها». فما الذي اكتسبه نمو المدن العثمانية من حداثة جزئية او بطيئة شكلت نوعا من تغيرات لحقت ببيروت «التي كانت مدينة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها خمسة الاف نسمة في مطلع القرن التاسع عشر، فصارت مدينة كبيرة يتجاوز عدد سكانها المئة الف نسمة في نهاية القرن نفسه وكان تطورها فريداً» فهل من تطور يضبط عجلة الحداثة المؤثرة على المدينة العربية قبل ان يكون هناك سلام.؟ 
سؤال يثيره دكتور خالد زيادة بعد أن نقرأ ما كتبه عن بيروت المتوسطية وتاريخها القديم والجديد وصعوبة تخيلها في ظل التطورات المتلاحقة من حقبة الحكم المصري ونهوضها الذي تدين به لفترة (1832-1840) الى اهميتها في منافسة إزمير والاسكندرية وصولا الى عاصمة اقتصادية لجبل لبنان من خارجه وبوابة لسوريا «فهل التجديد في مدينة بيروت بعد الحرب وتحديدا ما قام به رفيق الحريري من اصلاحات وتحسينات وتصميمات حديثة جعل منها واجهة شرقية للحداثة العالمية؟ ام ان الاسثمارات الاقتصادية وهذا ما سعت له الكثير من الدول هو من جعلها باريس الشرق الأوسط؟ وهل بيروت العثمانية وبيروت في الاحتلال الفرنسي تشبه بيروت الحريرية ؟ وهل ارتباط مدينة بيروت بالماضي واستمراريتها بالتطور يضمن حداثة هويتها»؟ 
عصف ذهني هو زوبعة معرفة تاريخية واقعية مؤثرة بالمعنى الحقيقي على تكوين صورة عن هوية المدن العربية والاسلامية  اثارها دكتور زيادة من خلال مراجع كثيرة لتثبيت رؤيته عن المدينة العربية والحداثة، والازمات الكثيرة التي اصابتها في الماضي، بالتفاف تاريخي موثق بدائرية ما خلت منها التفاصيل العمرانية والاستشراقية  والاجتماعية والثقافية والسياسية الخ. ولكن هل من خطأ يقع على كل مدينة لم تتسارع فيها حركة الحداثة أم ان الاطماع الخارجية في كل زمن ولدت تغيرات كثيرة على واقع المدن العربية؟ لكن يبقى السؤال الاهم الذي يثيره الكتاب هل تعاني الدول العربية  والاسلامية من صعوبات في اتجاهها نحو الحداثة؟