بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الثاني 2023 12:00ص فهم التكوين القصصي في «روح واحدة» للروائي أحمد عاطف درة

حجم الخط
دمج الروائي المصري «أحمد عاطف درة» في مجموعته القصصية «روح واحدة» بين التكوين اللغوي القائم على الجملة القصيرة وسياقاتها الإجتماعية المبنية على التصورات التفاعلية بديناميكياتها المرتبطة بالعمليات الذهنية، لتحليل كل فعل يسمح بتحديد الأشكال الإجتماعية في القصص بروحانية مصرية، وقبل كل ذلك إنسانيا مع الحفاظ على الإحساس بالإمتثال المعياري، للإرتباط بالهوية والشعور بالإنتماء الوطني، والإنساني مشيراً الى التعلم السلوكي بشكل يتضمن البناء التدريجي لكل قصة فرضت إشكالية حضارات لوّنها بالتسلسل البشري، ونسيجه بمختلف التواريخ التي يصوغها ايديولوجيا، بما ينتج عنه عدة معايير متكافئة بصورها الإجتماعية، وباستبطان سياسي عقائدي مخفي منصفا الإنسان قبل كل شيء واقفاً أمام الكثير من القضايا التي تربط القصص كلها في مجموعة روح واحدة بكافة فوارقها المختلفة بين قصة وأخرى، ليربطنا بالحاضر تفاعليا من خلال التساؤلات الوجودية، والبحث عن الخالق وفق أبعاد التاريخ التفاعلي، وكأنه يعيدنا إلى قصة سيدنا إبراهيم في بحثه عن الله وإدراكه كنه الوجود الذي يجمع الأرواح في روح إنسانية واحدة، ليدفعنا نحو التفكير في الحياة بأزمانها وامتدادها الدائري، لفتح مساحات استكشافية لرحلة الإنسان نفسه على الأرض، لتعزيز علامات الإستفهام بمتناقضاتها وتعدد معانيها عبر رحلات نفى الزمن عنها ومنحها الروح القصصية بما يتشكّل عنها من مفردات هي شكل من أشكال الوحدانية والتأمل بالأبعاد الإلهية ورحلة الإنسان التجريبية في الحياة عبر قصص في روح واحدة بعيداً عن السرد الوصفي ان صح القول وترتيباته التي يتخطاها، بما يتوافق مع لغة المشهد القائم على أسس توحيد الهوية الإنسانية. فهل هو يريد القول أمة واحدة ولغة البقاء هي الإيمان بوجود الله؟ أم هو متأثر كرونولوجيا برحلة الإنسان بشكل خوارزمي منسجم ومتنافر؟
يعزز «أحمد عاطف درة» العلاقات التكوينية في قصصه المرتبطة بخيط روائي واحد، لدعم الإنعكاسات التي تهدف إلى إبراز السمات وهوامشها التي تعلو وتنخفض بين وتيرة حدث وآخر، لرؤية التاريخ البشري والتجرؤ على رفع العلم الإنساني رمزياً «الحمد للّه على نعمة اكتمال الرحلة»! أوحي لي أن الرحلة اكتملت، وأدوارنا هناك قد أدّت» ألا يلتقي هنا بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي»؟ والحمد للّه قبل أن تكون قرآنية هي لجميع الناطقين باللغة العربية من جميع الأديان، بما في ذلك المسيحية واليهودية، ولكن يُكثر من قولها المسلم، مفككا بذلك تعقيدات الواقع الذي نتخبط فيه دون أن نفهم تاريخنا الإنساني الذي نشأنا فيه، وهو يساهم من خلال الأدب في فرض اخلاقيات الحياة، وجمالياتها الأخلاقية في واقع لا بد أن نركن فيه للعقل قبل كل شيء (كما رحلة سيدنا إبراهيم في بحثه عن الله) فالخيال في بُعده القصصي عبر الخيط السردي روائيا يُشكّل أخلاقيات انسانية لا بد من الإمساك به لنهتدي كما اهتدى. فهل يحاول توجيه وعي القارئ نحو أنماط الوجود تجريديا كما في الفن التشكيلي؟ أم يقودنا إلى قوة الوجود البشري بخوارزمياته التي تتكرر بعيدا عن مفهوم الأزمنة؟ وهل يريد منا الإبتعاد عن السذاجات الواقعية من خلال تعدد القصص التي حدد نقاطها، لتكون بمجملها ذات روح واحدة، وكأنه يؤكد على أن السرد والخيال الأدبي هما لغة واحدة لروح واحدة تتشكل في أعماق الأديب الإنسان الذي يعمد الى الإتصال مع الآخرين من خلال الخيط الجيني ان صح القول، لنكون في اتصال مع روح الأدب في الحياة، ويحرر العقل العقائدي بذلك ليكون كونيا شموليا تحت رعاية الله، فقد استطاع أن يجعلنا نتساءل عن طريق الروح الواحدة والسير عليه من خلال الحبكات القصصية والخيال السردي، ليؤكد أن الخيال الأدبي يثري ويحرر العقل من الأوهام من خلال الإنفتاح الذهني على الحيواة التي يسردها الإنسان نفسه خلال رحلته، فهو بحث عن معرفة الذات بشكل متجدد مع ابطاله لإضفاء الطابع السردي على ذاتيته، معززا جوهريات الأدب الإتصالي مع الآخرين، كما الحبل السردي غير القابل للإختزال منتظراً ما سيأتي بعده، ولكن ضمن خيط الروح الواحدة الضوئي، وفق منطق الجمال الإنساني المرتبط بتحليلات العقل الهادف إلى إظهار أهمية الحياة أخلاقيا وإيمانيا للسير على طريق المحبة غير المعبّد على الإنسان في الحياة، لكنه يسير وسهل ممتنع في الذهن المتصل مع الأرواح الأخرى. فهل متطلبات الأدب الأخلاقية تجعلنا تفرض السير عبر خيط الأنبياء كافة من كل الأديان؟ أم هي كونيات فتحها أدبياً لتكون بمثابة اختصارات لرحلتنا الإنسانية؟