بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 آذار 2019 12:02ص «فوائد» إضافية للـ «7» الشهيرة؟!

حجم الخط
يقول المثل الشعبي الشهير: في السفر سبع فوائد... واذا كانت هذه الفوائد، بغالبيتها، اجتماعية، علمية، سياحية، انسانية واقتصادية، فإن تجاربي مع السفر، زودتني بمعارف أخرى ذات صلة بـ «فن الغناء العربي»، ومنها على سبيل المثال، بعض أبرز اسباب انهيار الأغنية العربية، واسلوب فناني هذا الزمان بالتعامل مع هذا الفن الذي كان لسنوات راقياً، وابداعياً، وإنسانياً، وتحول بفضل هؤلاء الى فن غنائي هجين، لا طعم له ولا مذاق؟!
اكتشفت بداية الإمر، أن الأغنية العربية في هذا الزمان «الأغبر» قد لا تحتاج إلى اكثر من يوم - ربما - أو يومين بالحد الأقصى، لتصبح «إنتاجاً غنائياً» يروج له في الأسواق، والى اسبوع - في أحسن تقدير، لزوال هذا الانتاج الغنائي ليس من الاسواق وحسب، وانما ايضاً من ذاكرة مستمعيه؟.
واكتشفت ايضاً، ان الاغنية العربية - في هذا الزمان - قادرة على استكمال مكوِّناتها، في خلال «جلسة كيف» واحدة، وان ليس بين ثالوثها الإلزامي (الملحن - الشاعر - المطرب«ة») أي رابط، وربما اي معرفة سابقة، وان ما يجمعهم، جهاز كاسيت، وحيث ان المطرب لا يلتقي الملحن، وهذا الاخير لا يعرف الشاعر، وان انتاجهم الغنائي اشبه ما يكون فرصة للربح المادي، فقط لا غير؟! وعلى عكس ما كانت عليه ولادة الاغنية في زمانها الجميل، حيث الاجتماعات المتكررة لثالوثها، وحيث البحث والتدقيق في كل حرف ونغمة، وحيث الاستماع، وابداء الملاحظات والرأي السديد، قبل التوجه الى استديو التسجيل؟!.
واكتشفت ان التلحنين في زمن الغناء الجميل، كان يعتمد على آلة موسيقية تلازم صاحبها بشكل دائم، وقد تكون عوداً أو كماناً أو قانوناً، فيما اصبح التلحين اليوم «نقرا» على «طبلية» أو طاولة طعام؟!.
واكتشفت ان الفن الغنائي الجميل قُضي عليه بفضل مجموعة يتزعمها «مخرّب» اسمه «حميد الشاعري»، انخرط بالوسط الغنائي بفعل فاعل، ودخل الى عالم الغناء والتلحين من الأبواب الخلفية، ثم بدأ بمباشرة دوره، ونجح في تدمير الغناء والاغنية السليمين، اعتماداً على موسيقى هجينة يؤلفها على آلة الاورغ، سريعة الإيقاع الراقص، و«مركبّة» على كلمات لا طعم لها ولا معنى، وكل هدفها دفع الشباب الى «النطنطة» على ايقاع موسيقي مزعج، و«هوجة صوتية» اطلق عليها «أغنيات شبابية»؟!!.
واكتشفت ان من دعم هذه المعتدي على الغناء العربي، ومن روّج له ولأعماله، شركات إنتاج - عربية للأسف - سعت الى تدمير الغناء العربي السليم، والى القضاء على الذوق الفني، والكلمة العربية، وذلك بسلاح المال، وبعدما أقفلت كل شركات الانتاج الغنائي المتوسطة والصغيرة، وتفردت بالسوق كلها، لتطلق «فقاقيع» غنائية بأصوات مغنين ومغنيات يؤدون الإنتاج «الحميدي وشركاه»؟!.
واكتشفت ان مهندسي الصوت في استديوهات التسجيل، تحولوا - بقدرة قادر - الى ملحنين وموزعين موسيقيين، والأهم، الى «أطباء تجميل» لحناجر غنائية عليلة؟!.
واكتشفت اخيراً، وهنا بيت القصيد، ان وراء كل هذه الهمروجة التي استمرت زهاء الـ40 عاماً أو اقل بقليل، هدف، هو استبعاد كل الاصوات التي بنت مجد الغناء العربي في القرن العشرين، واستبدالها بـ «اصوات مريضة»، ميزات صاحباتها «الشكل الحسن»، واصحابها الرضوخ وعدم الاعتراض؟!.
اما اليوم، ومنذ الدخول في الألفية الثانية، بدأت اكتشف ان «موجة حميد الشاعري وشركاه» الغنائية، بدأت بالإنحسار، وان الأفلاس حل بالشركة المنتجة، وان الغناء الجميل بدأ مشوار العودة، ولكن، بعد خسارة مجموعة كبيرة من كبار الملحنين والشعراء والاصوات الغنائية القادرة والمميزة، للأسف!!.

abed.salam1941@gmail.com