بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 آب 2023 12:00ص محاكاة تشكيلية لجملة تتّصل بالحكمة وبفلسفة الحياة

من أعماله من أعماله
حجم الخط
اختار الفنان التشكيلي «جوزيف العريض» (Josef Arid) ترجمة أفكار الأديب والفنان «جبران خليل جبران» عبر مقولة أبحر عبرها في كتاب «النبي»، واستطاع الغوص في كنه المحبة الجبرانية المرتبطة إنسانياً بالحياة. فالتنامي اللوني في الأبيض يمتلك روحية تعبيرية، كناية عن محاكاة تشكيلية، لجملة تتصل بالحكمة وبفلسفة حياة تشكّلت فنيا بتنوّع بصري، هو نتاج كنايات تُشكّل في أبعادها مسارات فنية تؤلف بمجموعها التعبيري قصة الإبحار الأدبي والفني، وبأسلوب لوني ذي تأثيرات تخيّلية يوجهها نفسيا نحو المعنى الذي جعله يدخل إلى مدينة أورفيليس «المحبة لا تعرف عمقها إلّا ساعة الفراق» فالتطلّعات التعبيرية تغمر اللوحة، وتمنحها بُعداً يكشف عن مواقف حياتية نبيلة يسير من خلالها الإنسان نحو السلام. فهل في أسلوب «جوزيف العريض» نوعا من السعي في طريق الإنسان والمحبة المُكلل ببث المزيد من الفرح، والإحساس بالجمال من حولنا دون الخروج من واقع متماسك بين الإنبياء بشكل عام؟ أم أن الحكمة الجبرانية جازمة بما يخص المحبة، وبالتالي يثير شهية اللون، ليتلاشى ضبابيا بين الواقع والخيال، ويحقق للمعنى الجبراني حقيقة وجودية لا بد منها؟ وهل اللوحة التشكيلية تمثل الحكمة التشكيلية في عالم الجمال الفني؟ أم أن مؤثرات الكلمة هي نبع لوني يستفيض بالمشاعر الغارقة بالمحبة في الحياة؟
حكمة تشكيلية بصرية، هي جزء لا يتجزأ من نسيج الكلمة الجبرانية التي يسعى من خلالها «جوزيف العريض» إلى تجديد رؤية الحياة، لريشة هي ناسك في وهجها الضوئي، وتأثيرها النفّاذ إلى العمق، وكأنه عبأها بقريحة فلسفية تعكس قيمة اللون الشفاف واللون المتلبد، ليفصل بينهما بقِيَم الخير والشر، وبتقلّبات النفس التي تسعى إلى الإصلاح دون أن يعترض المعنى التشكيلي المعنى الجبراني، والفعلي في تجسيد الحياة يخيرها، وسيّئها ضمن الإلتزام الحياة والرحيل من موقف إلى موقف بانسجام بين الإبحار في لجج الأزرق الذي يرضي البصر، والأبيض الملائكي القوي الأثر في النفس، والمرتبط بالمحبة والإحساس بسلامها، وبتوجيه فني تهذيبي، وان حمل الحكمة. إلّا أنه يحملنا على موجة متاهات الجمال بعيداً عن العبثية والماورائيات او السريالية، ويبعدنا عن عوالم المعنى الخرافي، لنقترب من واقع محمل بالمحبة والجمال والسلام. فهل الإمتاع الفني في هذه اللوحة هو الكشف عن قيمة الإنسان وقوة وجوده في الحياة الشبيهة بالبحر وأسراره وقدرتنا على إكمال المسار للوصول لبرّ الأمان؟ أم أن مكامن الجمال في هذه اللوحة هو الأسلوب التعبيري المحفوف بقيمة الضوء ومعناه الفلسفي؟
ابتكار تشكيلي أطلق من خلاله الفنان «جوزيف العريض» الخيال التعبيري بوصف ينساب عبر نغمات تدرّجات الألوان الدقيقة والرقيقة. فاللون في لوحاته هو جسم اللوحة، والخطوط بابعادها هي التحوّلات الفنية التي يُجسّد من خلالها طبيعة المعنى، وما هو مستوحى من مقولة «المحبة لا تعرف عمقها إلّا ساعة الفراق» وكأننا نغادر دائما بنفس الطريقة في سفينة نوح، وإن كانت أحيانا زورقا أو مركبا. فالمحبة هي الطريق الذي يسير فيه الإنسان المحب والشغوف بقِيَم الفضيلة والخير، وكأنها شبيهة بأوتار اللون الأبيض الذي يشدّه بنسب طولية وترددات بصرية تضيء اللوحة، وتجعل منها توازي بانسجام الأحرف والكلمة معا. وكأن الألوان في اللوحة هي الأصوات الطويلة والقصيرة التي ينادي من خلالها الفيلسوف الأنبياء الذين مشوا في درب الخير والمحبة، ومنطقياً بما هو مرتبط بالشعور ومثير للاهتمام الجمالي الغارق بالثراء اللوني ومقاييسه الفيزيائية ان صح القول، وكأن التحلل الضوئي ينبعث من العلاقات المتناغمة بين الأبيض والأزرق الشفاف، وبوئام مع فلسفة الجمال التشكيلي. فهل من تناغم بين الكلمة ومعناها واللوحة وأبعادها في أعمال الفنان التشكيلي جوزيف العريض؟