بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 كانون الأول 2023 12:00ص هل تناضل اللوحة التشكيلية الفلسطينية على جبهة الفن؟

حجم الخط
تتخذ حرية التعبير لوناً مختلفا في القضية الفلسطينية من خلال الفن التشكيلي وأهدافه التي تنقل المتأمّل له من المخيمات إلى المعسكرات إلى العيش المختزن ضمن التراث والحكايا، ومشاهد فلسطينية واقعية ومجتمعية قبل الإحتلال والتغيّرات التي شهدتها فلسطين في كافة مناطقها وحاراتها، وحتى البيوت والأبواب والمفاتيح والأثواب، وما إلى ذلك من المعاني الفلسطينية التي احتفظت بها اللوحة الفلسطينية عبر نضالها البصري الواسع بمعناه الجمالي والسياسي المُحقق لطموح الفنان الفلسطيني والعربي، وحتى الفنان الغربي المتعاطف مع القضية الفلسطينية، مما يوضح الكثير من التفاصيل عن الحرب الشرسة التي تتعاظم في النفس، وبشكل غير مسبوق في العالم، لأن الحرب الفلسطينية مستمرة منذ عام 1948 وهي ليست بمثابة حرب قامت وانتهت وتم رصد آثارها، لتصبح في الذاكرة كالحروب التي شهدت الكثير من التعاطي معها فنيا كما جدارية غارنيكا وقصة حروب كثيرة تأرشفت تشكيلياً، فقد التزم الفنان الفلسطيني بأرضه التي غادرها أو أرضه التي بقي عليها مقيّداً بقوانين المحتل الذي أجرى الكثير من التغيّرات في الشوارع والمدن والقرى. فقد التزم الفنان الفلسطيني والعربي بالقضية بشكلها الفلسطيني العربي، لتصبح فنا بصرياً يناضل من خلاله هذا الشعب حرب البقاء تشكيلياً، لتستمر اللوحة عبر التاريخ وتفوز برؤية لا يمكن محوها، لأن فلسطين في الفن التشكيلي هي التراث العربي الذي اختصر معاناة الحروب العربية تحديداً قبل الحروب بشكلها العام . فهل معاناة الفنان التشكيلي الفلسطيني هي حكاية في لوحة تشهد على ما جرى وما يجري من أحداث في حياة شعب يناضل حتى بالريشة واللون والقلم والخط الذي يبتر القضايا المحقة ويضعها تحت مبضع الجراح، ليدرك العلل ويستطيع منحها الشفاء من داء استعصى لسنين وما زال إلى الآن. وهل تناضل اللوحة التشكيلية الفلسطينية على جبهة الفن بصريا وبكافة الأساليب؟ أم أنها كل مرة تتطور بشكل لا متناهي وتمنح الزمن ما يجب أن تكونه؟
يمكننا استكشاف قيمة الفن التشكيلي الفلسطيني ودوره في المقاومة البصرية المؤثرة ذهنياً على من يرصد هذا الفن، ويتتبع خطواته سواء من حيث الأسلوب أو المضمون المرتبط بالمذابح والتهجير، والقصف غير المبرر على الآمنين، علاوة على ذلك تأثر العالم العربي بذلك، وحتى العالم الغربي. لقد هيمنت فكرة انتهاك حقوق الإنسان التي تُمارس على الفلسطينيين كشعب يرزح تحت جدلية سياسية مجتمعية بكوارثها كافة من النزوح الى المذابح التي برزت في الفن، وفي أعمال الفنان «إسماعيل شموط» تحديداً ودوره البارز في خدمة القضية الفلسطينية، وقد ساعد ذلك بإثارة التعاطف بمعناه المحق من حيث النضال البصري وقيمته في الوصول إلى معادلات ربما هي في لوحة استبطنها بشكل واقعي اجتماعي بعيداً عن الوضع اليائس والبائس فلسطينياً. إذ تنشط الريشة التشكيلية في الأزمات المصيرية، وتُشكل سداً في وجه من يصدّ الأقلام أو يحاول تسكير الأفواه. فتبقى اللوحة مفتوحة فلسطينياً متحررة من قيود الإحتلال بشكل منحته شبكات التواصل الاجتماعي انتشارا واسعا حاليا، وكأنه هوية جماعية تشكل صدمة عند من يترجم معنى الواقع الاجتماعي أو السياسي في الإرث التشكيلي الفلسطيني وما تشكّل فيه من حكايا النزوح واللجوء والمخيمات والحروب والمذابح .لتصبح اللوحة هي ذاكرة لواقع مؤلم عاشه الفلسطيني وتأثرت به لوحاته بما فيها من رمزيات قوية تجعل المتتبع لهذا الفن يعيش جميع مراحل النكبة بمختلف تفاصيلها من النزوح إلى المخيمات وغير ذلك. فهل فلسطين ما قبل النكبة هي المرأة في أغلب اللوحات؟ أم هي شجرة الزيتون التي غزت الكثير من اللوحات؟ وهل الفن التشكيلي الفلسطيني قطع شوطاً كبير في نضاله الوجودي لإثبات حق العودة؟
ما يميّز العديد من اللوحات الفلسطينية المرأة بشالها الأبيض والمرأة المتمسّكة بشجرة زيتون والحمام والمفاتيح والأبواب والرجل بالكوفية الفلسطينية مع سلاحه، ولرصد كل ذلك يحتاج الأمر لبحث معمّق في لغة تشكيلية أصبحت كسلاح صامت يؤدّي دوره بفاعلية وخصوصية مؤثرة، كما هي الحال في لوحة الفنان إسماعيل شموط، وهي بعنوان «مسيرة شعب» والتي تبلغ (ستة أمتار طولا) وتستحق العديد من الدراسات، لكشف عذابات شعب ما زال يصارع لاسترداد أرضه وحقه في العيش. فهل القرار بالخروج من فلسطين تمثل في لوحة شموط برسم كبار السن والأطفال الذين لا قدرة لهم على القتال من أجل البقاء؟ أم أن ما بدأه شموط استكمله الكثير من الآخرين حتى باتت فلسطيني تشكيليا متحررة من الإحتلال وراسخة جذورها في الفن التشكيلي الفلسطيني؟