يوم بعد آخر كي لا أقول يومياً.. نسمع خبر انتحار جديد في لبنان 2023.. ويوم تلو آخر نسمع عن موت فلان لعدم تمكنه من الحصول على العلاج.. أو لأنّ أزعراً زاحمه على ركنة سيّارة.. أو أُصيب بجلطة قلبية أودت بحياته في طابور انتظار هناك وهناك وهنالك.. ولاسيما على أبواب مافيات المصارف..
في لبنان 2023 أصبح الموت سهلاً ومتوافراً بكثرة.. «نقّي واختار الطريقة اللي بتعجبك».. رصاصة طائشة.. دواء مغشوش.. حريق معمل أو مصنع.. انفجار «يُقال بأنّه ناجم عن قارورة غاز».. و»بالآخر في آخر في وقت فراق».. فيرحل اللبناني ويتحوّل إلى رقم جديد بين أرقام ضحايا الزعامات.. الذين لم يهتز قلب واحد منهم لما عاشه ويعيشه الشعب على مقياس ريختر..
وبين هذا وذاك بثوان هبط الدولار من 90 ألف ليرة إلى 79 ألفاً.. و»بكرا شي نهار» يُعاود الارتفاع لأنّ فلاناً أراد.. وعلاناً شاء.. وسواهما قرّر ونفّذ.. ونحن حطب يطفئون ظمأنه بالحريق.. ونشتعل في مواقدهم وتحترق أبسط أحلامنا.. ومنها الكهرباء التي وبعد طول غياب.. عاد «جابيها» إلى قرع الباب حاملاً أقصوصة من ورق بقيمة مليونية.. تسد النفس وتحرق الجيبة وتُدمي القلب.. و»قال شو عم يعطونا الكهربا 4 ساعات»..
«حرقوا أنفاسنا وذلّونا بس معليه هزمنا المحتل.. وعم نتروّق ونتغدّا ونتعشّى كرامة».. أيُّ كرامة هي هذه التي يتبجّحون بها.. والبصل كما الثوم أصبحا بأسعار الذهب.. أي كرامة وحتى مكبّات النفايات أصبحت فارغة مما يُمكن أنْ تقتات منه القوارض.. أي كرامة «مدعوسة» بمخازن أسلحة تفشّت وخُبئت تحت بيوت الأمنين «والغافلين إلهم الله».. وأي كرامة وكبيرنا لا يجد دواءه وصغيرنا لا يجد حليبه.. وحتى الخُبز أصبح «لمن استطاع إليه سبيلا»..
أما ونحن على أبواب شهر الرحمات.. ربي يا مالك الأكوان لا ترحم.. كُلَّ من استرأس وتسيّد فحكم وظلم.. وخذهم أخذ عزيز مُقتد.. اللهم آمين!!