«فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا» صدق الله العظيم.. وعَبَرَتْ السنوات أعماراً خلف أعمارٍ.. وكَبِرَ الصغار وما زالت المفاتيح في الصدور.. يتوارثونها من جيل إلى جيل.. وما نسوا ولن ينسون القضية.. أو يبعون الأرض والعرض والتاريخ..
ظنَّ أحفاد بن غوريون أنّ «أبطال الأقصى» سيتراخون جيلاً بعد جيل.. فإذ بهم نار تحت رماد.. تفجّرت حين «نُفخ في الصور».. وجاء وعد الحق المبين.. من البر والبحر والسماء.. طوفان إلهي اجتاح القتلة وعبدة الشياطين وأحفاد إبليس..
نيران نزلت عليهم موتاً أسود.. ونزلت على قلوبنا برداً وسلاماً.. عشنا نسمع «بيروت تحترق».. «غزّة تحترق».. «دمشق تحترق».. وشكراً لله أننا عشنا لنسمع ونرى تل أبيب وكلابها يموتون ويحترقون.. ويزحفون خوفاً ورُعباً من موت محتوم..
كبرنا ونحن نسمع «أصبح عندي الآن بندقية إلى فلسطين خذوني معكم».. وما رأينا أحداً يعبر صوب فلسطين.. وبعدما ظنَّ الشياطين أنّ الموت سيأتيهم من الشمال.. خرج إليهم من بين أيديهم.. فتفجّرت تحتهم الأرض وهبطت عليهم السماء.. وجاس بهم البحر..
وكم من مرة سمعنا الصوت ينادي: «وين الملايين؟ الشعب العربي وين؟ الشرف العربي وين؟!».. ليأتي الجواب في السابع من أكتوبر 2023.. يوم صنع التاريخ وحطّم أسطورة الجيش الذي لا يُقهر.. وأذاق الكيان اللعين طعم الخوف والرعب والهلع..
كبرنا والأمل أن نُصلّي في الأقصى.. والحلم أنْ نُكحّل أعيننا بمرأى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.. وأنْ نعبر مسرى الرسول إلى بوابة السماء ومعراجها.. فهل يتحقق الحلم ونقف في أرض المحشر والمنشر.. حين ابتدأ الزمان وحيث سينتهي..
ولكن يبقى السؤال: هل سيُعيد التاريخ نفسه.. ونكون أمام خيانة جديدة كتلك التي فرملت انتصارات أكتوبر 1973.. وأرست وجوداً دموياً لكيان إرهابي شعبه من العصابات الإجرامية الدموية؟!