ما ان اعلن عن انقطاع المياه في العاصمة وقبل أن تمر ساعات على الاعلان عمّت صهاريج الماء شوارع العاصمة وتكاثر الناس أمام أمكنة تواجد أصحاب الصهاريج وفي سرعة قياسية ولدت كادرات ادارية وعملية لتأمين التوزيع إلى المنازل العطشى.
فهناك من يسجل أسماء المنتظرين وآخرون لتعبئة الصهاريج وسائقون جاهزون للتحرك.
ولادة عجيبة تولد الشك بأن القسطل الذي انفجر أو المضخات التي تعطلت على اتفاق مع مافيات الصهاريج.
بلد تسيطر فيه المافيات على كل شيء فيه من الكهرباء إلى الدواء إلى الغذاء إلى المحروقات.. والآن الماء التي جعل منها الخالق كل شيء حياً والتي يبحثون عنها بكلفة مليارات النقد الاخضر على سطوح الكواكب المحيطة.
ولأنهم يعرفون أنه لا يمكن الاستغناء عنها فقد حجزوا كل ما يلزم لاستجلاب ما تبقى من رواسب مالية في جيوب الناس.
لا أدري ماذا يفعل الفقير الذي لا يملك ثمن هذه البراميل النفيسة (100 ألف ل. ل. ثمن برميل الماء)؟.
يمكنه الاستغناء عن أشياء كثيرة إلا الماء.. فماذا يفعل؟
هل يقوم بالاستدانة؟ وهل يجد من يسلفه؟.
وهل يطلب من هو بحاجة إلى ثمن ماء.
هل يطلب من آخر هو بحاجة إلى هذا الثمن؟.
مجتمع بشريحته العظمى على عطش، ليس فقط إلى ماء بل إلى أشياء كثيرة أخرى..
إلى الامان وعدم الخوف من الغد، إلى من يحميه من غائلة الجوع والمرض إلى دولة ترعى شؤون اناسها وتشعرهم أنهم ليسوا في غابة ما أكثر حيواناتها المفترسة.