لا والله أكاد أُقسم بأنّكَ لستَ من طينة البشر.. بل أنتَ هالة نورانية.. وحالة قدسية تجاوزتْ حدود الإنسانية.. أنتَ «مجموعة صبر» تجسّدت على هيئة إنسان.. بل أنتَ شلال ألم ما زال ينزف حتى أقصى درجات التسليم بقضاء الله وقدره..
وائل الدحدوح ما أنتَ ببشر مثلنا.. أنتَ تجاوزتَ حدود الصبر والألم.. فنزل على قلبك وجع الفقد برداً وسلاماً.. ودّعتَ الأسرة مرّة أولى.. وكُسِر باستشهاد حمزة ظهرك وقلبك مرّة أخرى.. وأنتَ القائل «حمزة ليس بعضاً منّي.. حمزة كُلّي».. فوالله هذا الألم لا تحتمله جبال.. فما أعظم قدرة إيمانك وصبرك وتحمّلك لكل هذا الوجع..
لم يكد يبرد قلبك من نيران الفقد الأول.. وسرقة الصهانية لأرواح ومستقبل وحياة معظم أسرتك.. حتى رأيناك جبلاً شامخاً.. لا يهزّ عزيمته وعزّة نفسه.. إلا دمعة ترقرقت من العين حرقت الفؤاد لارتقاء حمزة..
إنْ وصفتُكَ بالبطل.. فهي أقل من أن تُجسّد صفاتك.. أنتَ رجل في زمن عزّت فيه الرجال.. أنتَ ثمرة بطن مُباركة.. أرضعتكَ العزّة والإباء والشموخ والصمود.. فمباركة هي الدار التي ربّتك على التفاني والإيثار في سبيل أغلى وأقدس قضايا الأرض..
قد يقول قائل بأنّني أُبالغ.. لكنّني أبٌ وأعرف قيمة «الضنا».. فكيف بضربتين كاملتين.. قضتْ على الأسرة والأبناء.. ولم يبق إلا الكنّة والأحفاد حفظهم الله من كل مكروه.. «الضنا غالي وخسارته كسرة قلب.. الله لا يجرب كل عزيز»..
«أيوب فلسطين».. صبرُكَ أضخم وأعظم وأوسع من أنْ تحتمله نفس بشرية.. أعانك الله على ما امتحنك به.. ومدَّك بالقوّة والعظيمة لأنّك أمثولة لكل إنسان على وجه الأرض.. باليمنى ترفع الكفن وتواري الثرى.. وباليسرى تنقل صورة الصهيوني اللعين الهمجية والوحشية.. «حماك الله»!!