بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 نيسان 2024 12:00ص رحل عبد الحميد ناصر: أهم رجالات الرئيس الشهيد رفيق الحريري

حجم الخط
المحامي أسامة العرب*

خسرنا اليوم الراحل الكبير أبو حسن ناصر، ونذرف دمعة حرّى على هذا الصديق الذي كان يضجّ دينامية ونشاط، والذي كانت حياته مليئة بالعطاء وزاخرة بالمجد.
تعود معرفتي بأبي حسن رحمه الله، إلى عام ١٩٧٥، أي لمطلع الحرب الأهلية اللبنانية المشؤومة، حيث كان من سكان طريق الجديدة وحيّ العرب، وسرعان ما نمت صداقتنا بسرعة وأصبحنا كأخوة، وليس مجرد أبناء منطقة واحدة وشركاء في العملين الوطني والقومي العروبي. ولطالما اجتمعنا في المناسبات الوطنية والحملات الانتخابية، لاسيما أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه، حينها كان المرحوم أبو حسن يصول ويجول في كافة مناطق بيروت، وبالأخص في الطريق الجديدة، مردداً أن بيروت لن تعود قوية ولن تأخذ حقها إلا بوصول الرئيس الحريري إلى سدّة الحكم، وكان أبو حسن نشيطاً على الصعيد الشعبي البيروتي، أصيلاً كعادته، ويتكلم بلهجته البيروتية الشعبية المعروفة، مما مكّنه بإمكاناته الهائلة من حصد أصوات طائلة للرئيس الشهيد ولسائر أعضاء لائحته في بيروت.
وقد كان للمرحوم صلات قوية مع كل رؤساء الوزراء السابقين، ابتداءً من آل الصلح إلى آل سلام وانتهاءً بالحص، وهذا ما جعله رقماً صعباً عند الرئيس الشهيد الحريري رحمه الله.
وكان أبو حسن رحمه الله، يحب أهل بيروت ولطالما ناضل لتوحيدهم حول شخص الرئيس الشهيد الحريري، وقد نجح بذلك مرات عديدة، فكافأه الرئيس المرحوم بتعيينه نائباً لرئيس مجلس إدارة الصندوق المركزي للمهجرين، لاسيما أنه كان ضليعاً بشؤون النازحين منذ الاجتياح الإسرائيلي.
وكان لأبي حسن في كل مرحلة صولة وفي كل ميدان جولة، فعندما ضمّ الرئيس الشهيد الحريري إلى لائحته رئيس صندوق المهجرين انطوان اندراوس عام 1996، ونجحا في الانتخابات، استلم المرحوم أبو حسن مكان أندراوس، رئاسة صندوق المهجرين بالإنابة، وهنا تمكّن من التحرك كما يشاء، فساعد كل الفعاليات اللبنانية بإعادة مهجريها إلى مدنهم وقراهم، وكوّن شبكة علاقات واسعة سخّرها في دعم رئيسه الشهيد الحريري وتقوية خطه السياسي.
وقد توطدت علاقتي بالأخ أبو حسن رحمه الله عام 1999، حينما عُيّنت مكانه في نيابة رئاسة مجلس إدارة صندوق المهجرين من قبل مجلس الوزراء، وجاء المرحوم أبو حسن إلى مكتب المحاماة الخاص بي والمجاور لقصر الرئيس الشهيد الحريري، وذلك ليهنئني ويوصل لي مباركات الرئيس الحريري ، وأذكر حينها أننا ذهبنا سوياً في اليوم التالي عند الرئيس سليم الحص للتباحث في آلية التسلم والتسليم وكيفية إدارة شؤون المهجرين في الفترة اللاحقة، وبعدها توجهنا إلى قصر الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله، والتقينا به وبمدير مكتبه الصديق الدكتور حسني المجذوب أطال الله بعمره، وبأخي وابن عمي أبو طارق العرب رحمه الله، حيث اتفقنا سوياً على آلية التعاون في الصندوق بمباركة شخصية من كلا الرئيسين الحريري والحص، لاسيما أن أبو حسن ،رحمه الله، كان خبيراً بكل شاردة وواردة بأمور المهجرين، وأنا رغم سعة علمي القانوني إلا أنني كنت بحاجة ماسة وقتها لمؤازرته ودعمه.
ولذلك، فإن عبد الحميد ناصر لا يمكن اختصاره بكلمات، ويكفيه فخراً أنه من أصدقاء الرئيسين رفيق الحريري وسعد الحريري المقربين، واسمه مدوّن في صفحات الإخلاص والوفاء لخطهما السياسي العريق، وفي سجلات رجال الدولة.
بغيابه لا نخال أنفسنا نبالغ إن دعونا من هم في سدة القرار اليوم إلى التشبه بخصاله، وأبرزها الشهامة والأصالة والمروءة والشجاعة والإقدام والثقة بالنفس.
رحم الله أخي عبد الحميد ناصر ودولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأسكنهما العُلى من الجنة، وأطال بعمر الرئيس الشيخ سعد الحريري وابن الفقيد الغالي حسن ناصر، وأطال بعمر كل من تشبه بالكرام والكبار، كما نوجه تعازينا الحارة لعائلة ناصر الكريمة، ألهمهم الله الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

* نائب رئيس الصندوق المركزي للمهجرين سابقاً