بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 تشرين الأول 2023 12:00ص وداعاً رفيق العمر والانتماء بهاء الدين عيتاني

حجم الخط
جمعتني بالأخ والصديق ورفيق العمر بهاء الدين عيتاني مقاعد الدراسة، ورحلة العمر الطويلة على طريق العمل الثقافي والتلاقي الوطني والنضال القومي، فحملنا معاً راية العروبة وحب لبنان وتعلّقاً بفلسطين والدفاع عن قضايا الأمة في هذه الرحلة التي بدأت في مسيرات التأييد لوحدة مصر وسورية، ولثورة الجزائر، ولمناهضة الأحلاف والمشاريع الاستعمارية الرامية الى تصفية قضية فلسطين  طيلة خمسينيات وستينيات القرن الماضي لتستقرّ في ثمانينيات  القرن في منزل أستاذنا الراحل منح الصلح حيث جمعنا «اللقاء الوحدوي» الذي كان أحد ثماره تأسيس «دار الندوة» في مثل هذه الأيام عام 1988.
في تلك الرحلة المليئة بالآمال والآلام، بالانتصارات والخيبات، بقي أبو محمد ثابتاً على مبادئه، معبّراً عن روح بيروت العربية المقاومة التي ما تنازلت يوماً عن حق وما تهاونت في مبدأ.
كان بهاء الدين عيتاني وفيّاً للقيم التي نشأ عليها في منزل والده المربّي الكبير عبد اللطيف عيتاني، وبصحبتة أشقاء كرام على رأسهم الصديق العزيز الراحل رياض عيتاني صاحب الأيادي البيضاء في العمل الإنساني والإيماني على أكثر من صعيد، وكان بهاء رصيناً هادئاً  كارهاً للصخب والضجيج الذي يملأ حياتنا السياسية والعامة، حريصاً أن يكون جسراً بين اللبنانيين، وحدوياً بين العرب، لذلك انتخبته بيروت نائباً عنها عام 1996، ومنحته كتلة محترمة من الأصوات أعطاها له بعض من أصدق أبنائها الذين كان قلب بهاء الدين، كما مكتبه مفتوحاً لهم، ساعياً الى خدمتهم، ورفع المظالم عنهم.
أن نودّع اليوم بهاء الدين عيتاني اليوم، هو أن نودّع جزءاً من تاريخنا، وجزءاً من تراثنا، وجزءاً من مدينة سكنت جوارحنا وعقولنا قبل أن نسكنها، وجزءاً من روح لبنانية صادقة بتنا نفتقدها في زمن العصبيات وخطاب الاقصاء والتناحر، وجزءاً من أمة تنزف اليوم ألماً ودماً مع أبنائها في غزة وعموم فلسطين، وفي جنوب لبنان وعلى امتداد الوطن.