بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 تشرين الثاني 2023 12:00ص حتى لا تبقى الصغيرة أفعل من الشاشة الكبيرة..

حجم الخط
إبان الحرب على لبنان وتحديداً بين عامي 1975 و1990 حمل عدد من المخرجين اللبنانيين والعرب والأجانب ومعهم كبار المصورين كاميراتهم وإنخرطوا في أتون الحرب راصدين الدمار والموت لإستغلال المشاهد الوثائقية في أفلام سينمائية ميلودرامية بغية توصيل رسائل إلى عموم العالم عن ويلات الحرب وضحاياها.
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم يعرف قطاع غزة حرباً حقيقية قاسية ومؤلمة، لكننا لم نقرأ خبراً واحداً عن مخرج خرج من القطاع أو من الضفة الغربية أو وفد من عاصمة قريبة أو بعيدة لأخذ رأي، أو مواد مشهدية تختصر ملحمة الصمود والمواجهة، لتوظيفها لاحقاً في أشرطة مختلفة الأنواع، مع توفّر مادة أولية بالغة الأهمية عن القصف والدمار وحياة الناس المستحيلة.
إلى الآن وربما إلى زمن طويل تحتلّ صور العواجل التلفزيونية طليعة المشهديات المؤثرة، لكن المتوفر الفائض من المشاهد قادر على تشكيل أساس قوي لأشرطة درامية وميلودرامية طويلة أو قصيرة أو وثائقية مع حكايات ميدانية واقعية. ولا ندري ما إذا كنا نتجنّى على مخرجين ومصورين وهم واقعاً موجودون في الساحة ولا يعلنون لأسباب مختلفة.
يكفي لأي مخرج سواء يمتلك رؤيا لفيلم أو هو يجمع المشاهد ويبتدع منها لاحقاً الشريط المناسب، أن يتواجد في الميدان تماماً كحاملي الرشاشات الذين يصطادون أفراد العدو في مواقع مختلفة. نعم الكاميرا سلاح ولو كانت لا تُذخر ولا تُطلق الرصاص، هي بموازاة أي آلة حرب، وأقل شيء في وظائفها كشف الحقائق ووضع النقاط على الحروف ودحض أي إدّعاء يُطلقه العدو لرفع معنويات جنوده في المعارك الضارية.
إذا لم يكن هناك سينمائيون على الأرض لإقتناص مشاهد حيّة من مختلف العيارات العسكرية والإنسانية، فذلك تقصير معيب حيث الفرص النادرة متاحة بالعشرات لحمل زاد مشهدي يُغذي أفلام المستقبل ويجعلها أفعل وأقوى تأثيراً من إعادة صياغتها مثلما يحدث غالباً في أشرطة تحمل القضية وهدفها توصيل مفاعيلها إلى أبعد مكان في الأرض، جلباً لأصوات قوية تصمّ الآذان داعية إلى الحرية والحق والسلام.
لن يكون هناك ما يبرر تقاعس السينمائيين في تأدية واجب الإنخراط ميدانياً في الحرب على غزة بسلاحهم الأمضى والأفعل الكاميرا لتكون المشاهد خير شاهد على بربرية العدوان وعلى صلابة أهل الأرض في مواقعهم.