يتقدّم ملف نزع السلاح غير الشرعي، وتحديداً السلاح الفلسطيني، إلى صدارة المشهد اللبناني، في ظل تأكيد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، والتزام الحكومة بما ورد في بيانها الوزاري لجهة بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها. وبينما تستعد الدولة لإطلاق حوار وطني يشمل «حزب الله»، يُطرح السؤال الأبرز: ماذا عن السلاح الفلسطيني، داخل المخيمات وخارجها؟
وفي هذا الإطار، يقول النائب عبد الرحمن البزري لـ«اللواء»: «الموضوع الذي نطرحه اليوم يتعلّق بمعادلة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، خصوصاً أنه وبعد إصدار القرار 1559 في العام 2005، وفي سياق الحوار الوطني، تم التوصل إلى صيغة تقضي بجمع السلاح خارج المخيمات وتنظيمه داخلها. أما اليوم، فنحن أمام واقع مختلف، حيث إن الدولة اللبنانية هي الجهة الوحيدة الضامنة لأمن وسلامة كل المقيمين على أراضيها، لبنانيين كانوا أم غير لبنانيين، وهذا الواقع يفرض علينا معالجة ملف السلاح غير الشرعي ضمن آليات واضحة، تحت إشراف الدولة ومؤسساتها الدستورية». وأشار إلى أن رئيس الجمهورية، مدعوماً بالحكومة، سيطلق حواراً مع «حزب الله» لبحث هذا الملف الحسّاس.
وأشار النائب البزري إلى أن الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى لبنان، ستعكس أهمية التنسيق القائم بين السلطة اللبنانية ومنظمة التحرير لضبط الأمن داخل المخيمات وترتيب أوضاعها، خصوصاً أن عباس هو رئيس دولة فلسطين، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وقائد حركة فتح.
واعتبر نائب صيدا أن لبنان اليوم أمام فرصة تاريخية لاستعادة عافيته ومكانته ومساعدته عربياً ودولياً، لكن هذه العودة مشروطة بإصلاح مؤسساته، وضبط الهدر والفساد، وتعزيز سلطة الدولة، لافتاً إلى أهمية موضوع حصرية السلاح كأحد أعمدة الأمن الوطني، وهي نقطة محورية في أي استراتيجية وطنية.
وقال: «لقد انتقلنا من الحديث عن «استراتيجية دفاعية» إلى مفهوم «استراتيجية الأمن الوطني»، التي لا تشمل فقط حماية الحدود من العدو الإسرائيلي، بل أيضا حماية الاستقرار الداخلي على كامل الأراضي اللبنانية، وهذا الأمر يتناسق مع ما ينص عليه اتفاق الطائف والقرارات الدولية. كما أن الأمن الوطني يتناول في جزء منه الأمن الاجتماعي، الصحي، التربوي وغيره».
وشدّد البزري على أنه عندما تطالب الدولة بحصرية السلاح، يجب أن يترافق ذلك مع تقديمات اجتماعية شاملة من قبلها، بما في ذلك الحقوق المدنية للفلسطينيين، وهو ما طالب به خلال مناقشة البيان الوزاري.
وردّاً على سؤال، رأى النائب الجنوبي أن «حزب الله» يتعامل بإيجابية مع ملف السلاح، مشيراً إلى أن موقف رئيس الجمهورية وقائد الجيش اللبناني واضح من حيث التأكيد على أن الدولة بسطت سلطتها على كامل منطقة جنوب الليطاني، وأن العقبات الموجودة ناتجة عن الاحتلال الإسرائيلي وتكرار اعتداءاته على لبنان، مثنياً على التنسيق الكامل بين الجيش و«حزب الله».
وثمّن البزري خطوة الرئيس عون بدعوة «حزب الله» إلى حوار لمعالجة ملف السلاح، مع عودة الدولة وبداية استعادة هيبتها، داعياً إلى البناء على مبادرة رئيس الجمهورية انطلاقاً من خطاب القسم والبيان الوزاري للحكومة، اللذين شدّدا على حصرية السلاح بيد الدولة. وهو ما لاقى تأييداً من نواب محسوبين على الحزب والحركة، ما يعني أن هناك إجماعاً وطنياً.
الموقف الفلسطيني
من ناحيتها، تقول مصادر فلسطينية لـ«اللواء»: «إن ملف السلاح خارج المخيمات أُغلق بشكل نهائي بعد تسليم القواعد العسكرية للجيش اللبناني والتي كانت بمعظمها تابعة للجبهة الشعبية، أما بالنسبة لملف السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، فهو لم يُبحث بعد بشكل جديّ حتى الآن، وكل ما نسمعه حول هذا الموضوع هو عبر وسائل الإعلام، ولكن الأكيد أن كل الفصائل الفلسطينية منفتحة على الحوار وهي مع أمن واستقرار لبنان، وإذا كان ملف السلاح يؤدي إلى ذلك، فإن الجميع يؤيد الحوار والتعاون مع الدولة اللبنانية للوصول إلى حل، لأننا في النهاية غير متمسّكين بالسلاح، الذي نعتبره موجهاً فقط إلى العدو الإسرائيلي».
وأوضحت المصادر أن السلاح الموجود داخل المخيمات لا يُعدّ سلاحاً استراتيجياً، بل بمعظمه فردي ومتوسط، ويتم استعماله في مواضيع خلافية محدودة داخل المخيمات، وهو أمر يحصل أيضاً في بعض المناطق اللبنانية، نافية أن يكون هدف السلاح الفلسطيني الدولة اللبنانية.
ولفتت إلى أن من شأن الحوار بين الفلسطينيين والسلطات اللبنانية التوصل إلى آلية لتسليم السلاح، مشيرة إلى عدم امتلاكها أي معلومات حول الموضوع باعتبار أن الحوار لم يبدأ بعد، لكنها أكدت حرص الفلسطينيين على أمن لبنان واستقراره.
وأبدت المصادر إيجابية تجاه حوار شامل يخدم أوضاع الفلسطينيين الذين يعانون من صعوبات اجتماعية واقتصادية، داعية إلى أن يتمتع الفلسطيني المقيم في لبنان بحياة كريمة تؤمّن له ضروريات الصمود إلى حين العودة إلى بلده.
كما رأت أن من شأن الحوار بين الفلسطينيين والدولة اللبنانية إعادة النظر في موضوع تخفيف الإجراءات على مداخل المخيمات، وبالتالي التخفيف من معاناة السكان في الدخول إليها والخروج منها، إضافة إلى إيجاد تسوية لملف المطلوبين داخل المخيمات ولأوضاعهم، معتبرة أن معالجة هذه الملفات تريح الفلسطينيين من خلال إعطائهم حقوقهم، مقابل تسليم السلاح، آملة الوصول إلى خواتيم جيدة للملف لصالح الشعب الفلسطيني.
وردّاً على سؤال، أعلنت المصادر الفلسطينية القريبة من حركة حماس أن الحركة أكدت التزامها باتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وهي تدعم هذا الاتفاق وليست في وارد خرقه.
وأشارت إلى أن القرار الرسمي هو مع وقف إطلاق النار، ولكن قد يكون هناك أفراد غير منضبطة لا تلتزم بالقرار المتخذ، إضافة إلى أن هناك من يريد الاصطياد بالماء العكر وتحميل مسؤولية إطلاق الصواريخ من لبنان إلى الفصائل الفلسطينية، وتحديداً إلى حركة حماس.
وأبدت ثقتها بما يقوم به الجيش اللبناني من إجراءات وتحقيقات في هذا الإطار، وأثنت على دور المؤسسة العسكرية في المحافظة على سيادة الدولة اللبنانية.
وختمت بالتعبير عن أملها بأن تنعكس الزيارة المرتقبة للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى لبنان إيجابياً على أوضاع الفلسطينيين، باعتبار أنه سيتم خلال اللقاءات التي سيعقدها فتح الملف الفلسطيني من كافة جوانبه.