الفنانة المخضرمة يسرا تحتفل هذه الأيام بمرور 50 عاماً على إمتهانها التمثيل، رقم لا يصدّق، رغم أنه حقيقي وتؤكّده تواريخ الأفلام الكثيرة التي صوّرتها طوال هذه المدة، فصاحبة الوجه المضيء لا بل المشعّ بكاريسما خاصة جداً تبدو وكأن الزمن عبر بعيداً عنها - من دون حسد - ونتذكّر أننا إلتقيناها العام قبل الماضي خلال فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي ولفتناها إلى معالم الشباب التي لا تغادرها فقالت: علشان أنا مبكرهش.
ندرك أن الجينات هي السبب، لكن القلوب الكبيرة والمشاعر الفيّاضة بالحب تمنع الشيخوخة وتبعدها وهذه حال يسرا التي قدّمت على الشاشة الكبيرة باقة في غاية التنوّع من الأدوار ومنها الصعبة والجريئة أو البعيدة عن شخصيتها، كل اللقطات في غاية الفرح والحبور، ويندر أن التقطت لها صورة وهي غاضبة، أبداً هي دائماً مبتسمة وكأنها أمام الكاميرا التي لم تستدر لتقف خلفها ولا مرة خلال المدة المنقضية من إحترافها الفن.
وكما استطاعت إمتاع الناس بحضورها كممثلة كذلك كانت أفكارها ومواقفها في غاية المنطق والحكمة خصوصاً عندما يتعلق الأمر بعدم الإنجاب «يمكن ربنا مش رايدلي أخلّف لحكمة ما وأنا راضية وسعيدة في حياتي»، هكذا تجيب على هذا الموضوع لتؤكّد أن أحداً في الدنيا لا يستطيع الفوز بكل شيء في هذه الحياة.
ومن علامات الرضى أنها لم تزعج أحداً في أي وقت وكل من يتناولها من زملائها وزميلاتها في الوسط، يذكرها بكل خير ومودّة، وصدق المخرج يوسف شاهين حين وصفها بكتلة حيّة من الإنسانية والإيجابية والحب، وهي عاطفية بقدر مضاعف عن عامة الناس تتأثّر بأي كلام وأي مشهد وما أسرع وأسخن دموعها.
كل هذا ألا يجب أن يؤثر في الآخرين الذين تتواصل وتتعامل معهم، كما أنه لا بد أن ينعكس إشراقاً على وجهها كإنعكاس للقلب الرقيق الذي تملكه، مع تواضع جمّ، فقد صودف أننا إلتقيناها في إحدى دورات أهم مهرجان سينمائي عرفه العالم العربي - مهرجان دبي السينمائي - وكانت برفقة العالمي الراحل عمر الشريف، فبادرناهما: ما شاء لله عالمي وعالمية، وعلقت خليك عالأولانية: عالمي بس.
عقبال المئة، مع شباب لا يغيب، ونجومية أكثر سطوعاً.