بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

29 آذار 2024 12:41ص اليونان وداعاً…!

حجم الخط
آلهة اثينا تحجّرت. من علياء موتها تُشرف على مدينة تغُطّ تحت أقدامها في سبات حضاري طويل. أطلال ذكرى تستبيح ماضياً في رقاده الرّخامي. أعمدة  للنسيان في كل مكان تنتصب من لا مكان. مسارح لريح صفراء وأصداء مُهلهلة. تماثيل وأصنام لا يزال إزميل الزّمن يستميل عنقها. الأغورا تُحصي أرواحها الغائبة، وممرّها الطويل لا يُفضي إلى شيء من الفلسفة. أحجار  لا تجتمع على حقيقة، وألواح توزّع مذاقها الغامض على السائحين. سقراط لا يزال محكوما عليه بالإعدام. أفلاطون تلميذه توقّف عن تنقيح جمهوريّته بالحيلة والعداوة للديموقراطية. أما أرسطو الأشهر، فلم يعد وراء فلسفته من وراء. اللغة انقطع حبلها. يطير الحمام فوق الخرائب ويغُط على حاضرة لا تتكلم. أرض اليونان خمدت. أثينا القديمة أسطورة يحكيها لغائبٍ غائبٌ عن غائب. في الشوارع العريضة للمدينة الحديثة يضيق صدر التاريخ فيتنفّس رئة حجر. التاريخ حجر لا يسيل ولا يتبخّر. أركبُ المترو على خطى الغرب السريعة. وجوه فوق مشاجب الوقت يُمرجحها القلق وتغطي عيونها مساحات التّعب. لا إمامة للعقل في هذا المعبد الحديدي. بين محطة وأخرى لا تتقدم معرفتي فوق مقعدها. أجساد مُحنّطة بالتكنولوجيا. كالأجداث ينسلون من باب الخلق الكهربائي ويركض كل واحد نحو شبحه الأخير. كان نحيلا الكتفُ الذي وكزني. أرسطو أرى أم شخصاً من ظلال أفكاري؟ مشى المعلّم الأول أمامي في الرّواق المُزدحم بالأسئلة. لحقت به، فأشار إليّ بيده أن ابْعِد، فأنا الغريب هنا. سقطت مني أفكار فوق بلاط لن يرى النور أبداً، وداست عليها إجابات مُستعجلة كالبشر. فلا وقت لعدم الوقت. في مطار العودة حلّقت أفكار اخرى نسيت مع الغيم بعضها.  اليونان وداعاً!

أخبار ذات صلة