بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 نيسان 2021 12:01ص كتاب من وزير العدل السابق ومذكرة من رئيسة معهد الدروس القضائية حول الخلاف بين النائب العام التمييزي وقاضية

حجم الخط
بعدما سبق وراسل وزير العدل السابق شكيب قرطباوي النائب العام التمييزي الرئيس حاتم ماضي  حول إصداره تعاميم  تتعلقة بالقاضيين رنده يقظان ومايا كنعان، وتعميم ثالث يتعلق بقرارات منع السفر، إضافة إلى مذكرة القاضية ندى دكروب، رئيسة معهد الدروس القضائية حالياً ورئيسة غرفة في محكمة الاستئناف في بيروت سابقاً، إلى رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى تندّد بـ3 تعاميم صدرت عن النائب العام التمييزي السابق، تتناول التمدّد العمودي: عزل القضاة بات ممكناً، والتمدّد الأفقي: حق الاطلاع المسبق على قرارات منع السفر كافة، والهرمية من دون تسلسل، اتخذ مجلس القضاء الأعلى آنذاك موقفاً منه، مُعارضاً لإجراءات النائب العام التمييزي فما لبث هذا الأخير أنْ رجع عنها، وإذا طبّقنا ذات المعايير تكون  القاضية غادة عون على حق! وفي نشر هذين المستندين تنوير للرأي العام.
محمد مغربي

القاضية ندى دكروب: تعاميم النائب العام التمييزي: الهرمية القضائية التي لم تعد تحتمل!

في 13/5/2013 رفعت القاضية ندى دكروب، رئيسة معهد الدروس القضائية حالياً ورئيسة غرفة في محكمة الاستئناف في بيروت سابقاً، مذكرة الى رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى تنديداً بثلاثة تعاميم صدرت عن النائب العام التمييزي السابق، جاء فيها:

التمدد العمودي: عزل القضاة بات ممكناً

أول هذه التعاميم، التعميم الذي وجّهه ماضي الى الضابطة العدلية بوجوب الامتناع عن تلقي إشارات من بعض القضاة العاملين في النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، وهما القاضيتين رندا يقظان ومايا كنعان، مما يؤدي عمليا الى عزل هاتين الأخيرتين ومنعهما من القيام بواجباتهما القضائية المحددة قانونا. وبمعزل عن خلفية هذا التعميم، فانه يبقى بمثابة عقوبة من غير الجائز اتخاذها من دون اتباع أصول الملاحقة القانونية كما جاء في كتاب دكروب. فمهما يكن السبب الداعي الى ذلك، فان إطلاق يد النائب العام التمييزي، في اتخاذ قرارات مماثلة من دون إعطاء قضاة النيابة العامة أي ضمانات في محاكمة عادلة، إنما يؤدي الى استباحتهم. وما يزيد الأمر سوءا هو تنفيذ هذه العقوبة بشكل ملتوٍ: فالتعميم لم يمنع قضاة النيابة العامة من توجيه إشارات الى الضابطة العدلية، إنما توجه الى هذه الضابطة لمنعها من تلقيها. وعليه، وبدل أن تصب الجهود في اتجاه إلزام الضابطة العدلية على احترام أعمال القضاة وتنفيذها من دون تأخير (وهذا ما نعاني منه بشدة سواء في أعمال الأمن العام فيما يتصل بتنفيذ قرارات الافراج عن الأجانب أو في أعمال قوى الأمن الداخلي فيما يتصل بسوق السجناء)، آل هذا التعميم الصادر عن رأس النيابة العامة الى إشراك الضابطة العدلية في تحجيم القضاة وفرض العقوبات عليهم والتعامل مع الإشارات الصادرة عنهم وكأنها معدومة الوجود. وبذلك، بدا النائب العام التمييزي وكأنه يوجّه رسالة شديدة البلاغة الى الضابطة العدلية مفادها أن السلطة القضائية تكمن في رأس الهرم الذي لا رأس سواه، فلا سلطة ولا مكانة لقاض الا برضاها وبإمكانها متى شاءت تجريده منها واقصاؤه. وفي ذلك بالطبع تمدد عمودي خطير للهرمية.

التمدد الأفقي: حق الإطّلاع المسبق على قرارات منع السفر كافة...

الهرمية من دون تسلسل

أما التعميم الثالث فهو يتصل بتنظيم العمل الإداري داخل النيابات العامة وتحديدا بتنظيم عمل المدعين العامين وتوزيعه والزامهم بالحضور اليومي. وتذكّر دكروب في كتابها أن الصلاحيات الممنوحة للنائب العام لدى محكمة التمييز تخضع لنظام التسلسل الإداري ولا تجيز له الحلول محل النيابات العامة المختصة في ممارسة مهامها المحددة قانونا بما فيها الحق بتوزيع الأعمال على المحامين العامين من الناحية الادارية والذي يعود حصرا للنائب العام المختص الذي يرأس دائرته. وبالتالي، فان التعميم المتعلق هو في غير محله ويمس بمبادئ قانون التنظيم القضائي. وبفعل ذلك، تكتسي الهرمية حلة أخرى: فرأس الهرم يسعى الى ممارسة سلطته مباشرة على مجمل المدعين العامين من دون المرور بالنواب العامين الاستئنافيين في المناطق، وبذلك نخرج من النظام الهرمي القائم على طبقات مختلفة تمارس فيه كل طبقة سلطة على الطبقة التي هي أدنى منها، لنلج في نظام يتوجس فيه رأس الهرم ممارسة سلطته مباشرة على طريقة الاشعاعات في هرمية شاملة يجتاح فيها مجمل طبقاته. وبنتيجة ذلك، تتبدى بوضوح كلي خطورة التعاميم الصادرة مؤخرا عن النيابة العامة التمييزية والتي يعكس بعضها توجهات وممارسات سابقة مماثلة على نحو يؤدي الى تراجع مبدأ استقلالية القضاء ومعها حقوق المتقاضين بشكل مواز تماما لتوسيع نفوذ النيابة العامة التمييزية وتقدم نظام الهرمية.

وختمت:

أرفع إليكم هذا الكتاب بصفتكم الساهرين على حسن سير القضاء وعلى كرامته وحسن سير العمل في المحاكم، والمولجين اتخاذ القرارات اللازمة بهذا الشأن انطلاقا من كون سلطة الاشراف المعطاة للنائب العام لدى محكمة التمييز على النيابات العامة يجب أن لا تخرج عن الغاية التي أعطيت من أجلها ألا وهي حسن سير العدالة وأن تبقى ممارسة هذه السلطة في إطارها المشروع بما يحافظ على المبادئ التي يقوم عليها التنظيم القضائي وعلى الالتزام بالقوانين المرعية بعدم تجاوز مرجع قضائي لمرجع قضائي آخر وعلى كرامة القضاة واستقلاليتهم مع ثقتي الكاملة باتخاذ ما ترونه مناسبا وعاجلا بناء على ما ورد أعلاه.

حضرة النائب العام التمييزي  الرئيس حاتم ماضي المحترم


الموضوع: 1- التعاميم الصادرة عنكم والمتعلقة بالقاضيين رنده يقظان ومايا كنعان.

2- التعميم الصادر عنكم والمتعلق بقرارات منع السفر.

بعد التحيّة،

بالإشارة الى الموضوعين أعلاه،

1- لما كنتم قد أصدرتم تعميماً قضى بإعادة تنظيم العمل في النيابة العامة الاستئنافية في بيروت منعتم بموجبه الضابطة العدلية من مخاطبة القاضيين رنده يقظان ومايا كنعان أو أخذ أي إشارة من اي منهما، وقد خرج هذا الأمر الى العلن وتناولته أجهزة الإعلام،

ولما كنت قد اجتمعت معكم وتداولنا سوياً في القضية وأبلغتكم انني أعارض الأسلوب الذي لجأتم إليه كما انني اعتبر ان التدبير المشار إليه مخالف للقانون،

ولما كنت قد أعلمتكم خلال الاجتماع انني لا أتدخل في الأسباب التي أدليتم بها كمبرر لهذا الأجراء بل أصرّيت عليكم على عدم قانونيته وطلبت إليكم بكل محبة إيجاد الحل القانوني من منطلق كونكم القاضي الأعلى درجة والأكبر سناً وصاحب المسؤولية الكبرى،

وبما انكم لم تعلموني بأي حل حتى هذه اللحظة رغم مرور عدة أيام على اجتماعنا،

وبما انني اتصلت بكم صباح هذا اليوم ودعوتكم للاجتماع معكم ومع الرئيس الأول جان فهد، إلا انكم فضّلتم عدم حضور الاجتماع المذكور،

ولما كنت قد علمت من الرئيس الأول جان فهد انه اجتمع معكم ولم تتوصلوا الى حل يحفظ كرامة القضاء ويتوافق مع القانون،

ولما كان القرار الصادر عنكم بخصوص القاضيين رنده يقظان ومايا كنعان يخالف أحكام المادة 12 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تنص على انه «يرأس كل نائب عام (وليس النائب العام التمييزي) دائرته ويوزع الأعمال الداخلة في اختصاصه على المحامين العامن الذين يعاونونه»،

وإنطلاقاً من أحكام المادة الأولى من المرسوم الاشتراعي رقم 151/83 التي تنص ان من مهام وزارة العدل العناية «بتنظيم شؤون القضاء والسهر على حسن تطبيق القواانين والانظمة المتعلقة به...»،

وإنطلاقاً ايضاً من احكام المادة 45 من المرسوم الاشتراعي رقم 150/83 (قانون تنظيم القضاء العدلي) التي تنص انه «يخضع قضاة النيابات العامة لادارة ومراقبة رؤسائهم كما يخضعون لسلطة وزير العدل... »،

فإنني أدعوكم الى الرجوع عن التعميم الذي أصدرتموه والمتعلق بالقاضيين رنده يقظان ومايا كنعان لعدم قانونيته.

2- من ناحية أخرى، فإن التعميم الذي أصدرتموه والمتعلق بقرارات منع السفر يخالف أحكام المادة 108 من قانون اصول المحاكمات الجزائية التي تعطي قاضي التحقيق (وبالطبع الهيئة الاتهامية كمرجع استئنافي) حق تقرير المنع من السفر، كما تخالف الأحكام القانونية التي تعطي هذا الحق لمحاكم الأساس كالمادة 243 أصول المحاكمات الجزائية المتعلقة بمحكمة الجنايات، علماً ان لا سلطة لمدعي عام التمييز على كل هذه المراجع القضائية.

إنطلاقاً من ذلك فإنني ادعوكم أيضاً الى الرجوع عن التعميم المشاراليه لعدم قانونيته.

حضرة الرئيس،

ان كتابي الحاضر ينبع من حرصي على تطبيق القانون، وحرصي أيضاً على سمعة القضاء والقضاة في هذه الأيام الصعبة، وكلّي أمل انكم من منطلق مسؤوليتكم الاساسية في القضاء ستتفهمون دوافع هذا الكتاب الذي سأرسل نسخة عنه الى مجلس القضاء الأعلى.

في 13/5/2013

وتفضلوا بقبول الاحترام

وزير العدل

شكيب قرطباوي