بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 آب 2021 08:07ص السيسية السياسية في لبنان

حجم الخط
الإعلان عن تأمين مصر الكهرباء والغاز عبر الاردن وسوريا بتمويل البنك الدولي وتجاهل العقوبات على سوريا، يأتي في اطار اهتمام مصري بلبنان في سياق تراكمي من المواقف الداعمة والتقديمات الجدية والسريعة منذ فاجعة انفجار ٤ آب حيث تقاطرت الطائرات المصرية المحمّلة بالمساعدات ومواد البناء والمواد الغذائية والطبية بالاضافة الى وقوف الرئيس السيسي الواضح الى جانب الرئيس الفرنسي ماكرون ومبادرته التي اعلنها ابان  زيارته بيروت بعد تفجير ٤ آب.

دعم الرئيس السيسي للمبادرة الفرنسية شكّل عاملاً أساسياً في ثباتها واستمراريتها بغية الخروج من المازق السياسي العميق عبر تشكيل حكومة انقاذ وطني منذ تكليف السفير مصطفى اديب الى تكليف الرئيس سعد الحريري، الذي التقى الرئيس السيسي مرات عدة ابان فترة تكليفه واخرها قبل اعتذاره، ثم الدعم المباشر من الرئيس السيسي للرئيس نجيب ميقاتي وتشجيعه على الاسراع بتأليف الحكومة العتيدة مع تأكيد الرئيس السيسي على احترام الخصوصية السياسية اللبنانية وعدم التوغل في الحصص والاسماء وبعيدا عن كل محاولات الاذلال والاستتباع وموجة الرق السياسي التي يتعرّض لها شعب لبنان.

يحظى لبنان ايضا باهتمام الرئيس السيسي الفاعل والحاسم والصامت لمنع الانزلاق الى المواجهات الحربية المدمرة على الحدود الجنوبية خلال الاسابيع والاشهر والسنوات الماضية، وهذا ما تعرفه جيدا المكونات السلطوية والعسكرية والحزبية المعنية والتي تعرف اهمية الدور المصري في حفظ الامن والاستقرار في لبنان ودول الجوار، وكان اخرها انجاز وقف اطلاق النار بين غزة واسرائيل والتأكيد على إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف والانسحاب الاسرائيلي من الجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية، بالاضافة الى استقبال الرئيس السيسي قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون خلال زيارته الاستثنائية الى القاهرة، مع التذكير بمساعدات وزارة الصحة المصرية للآلاف من المصابين بوباء كورونا وتأمين العلاجات اللازمة لعموم اللبنانيين بدون استثناء والموثقة بالاسماء والمناطق، وكذلك المساعدة الطبية العاجلة بعد انفجار التليل الأخير في عكار.

استطاع الرئيس السيسي خلال ثماني سنوات، منذ ٣٠ حزيران ٢٠١٣، ان يتصدى لمشروع الفوضى الخلاقة الذي انطلق في موجته الاولى بعد اجتماع دول جوار العراق في اربيل ٢٠١٠ تمهيدا للانسحاب الاميركي من العراق وما انتجه من فوضى على امتداد الوطن العربي، ولولا تصدي الرئيس السيسي والجيش المصري لتلك المتاهة وحماية مصر من الفوضى والارهاب لما كان العراق استطاع مواجهة اعلان دولة داعش في ٢٩ حزيران ٢٠١٤، اي في الذكرى الاولى لانتفاضة الرئيس السيسي والجيش المصري، والتي شكلت عنصر الامان الوحيد من اجتياح تلك الموجة الفتاكة كل المجتمعات العربية بدون استثناء.

جاءت زيارة الرئيس السيسي الى العراق قبل شهر في ٢٧ تموز مع الملك الهاشمي عبد الله الثاني بمثابة اعلان رسمي عن عودة العراق الى موقعه الطبيعي في بلاد الشام الجديدة، التي حرص الرئيس السيسي على اعادة التأسيس لها مع الملك الهاشمي ورئيسي وزراء العراق عادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي، والتي مهدت الاجواء الايجابية لانعقاد قمة جوار العراق بعد يومين في ٣٠ آب الجاري بحضور مصر وايران والسعودية وتركيا والامارات وقطر والاردن ومسقط والكويت واميركا وبريطانيا مع احتمال حضور الرئيس الفرنسي ماكرون شخصيا الى العراق، ومن المتوقع ان يكون لهذه القمة الاثر الايجابي على سوريا ولبنان وعلى خلاف نتائج اجتماع دول جوار العراق في أربيل ٢٠١٠ السيئ الذكر والذي بدأ بالتحوّل والمراجعة امام ثبات السيسية السياسية في لبنان وبلاد الشام.  

  أحمد الغز

ahmadghoz@hotmail.com