بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 نيسان 2024 12:45ص إنها ساعة للحكمة لإخماد الفتنة..

حجم الخط
الجريمة النكراء التي أودت بحياة المغدور باسكال سليمان، يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار لتوعية القيادات السياسية والحزبية، على مستوى التردِّي الذي وصلت إليه الأوضاع في البلد، بسبب خلافاتهم المتناسلة، وصراعاتهم المحتدمة، عوض أن تتحول إلى شرارة لأي نوع من الفتن، سواء بين اللبنانيين أنفسهم، أو بين اللبنانيين والسوريين. 
قد يكون أفراد العصابة السوريين يعملون لحسابهم في سرقة السيارات، وقد يكون ثمة «مُشغّل» دفعهم لإرتكاب جريمتهم بدم بارد، لأسباب سياسية وفتنوية مختلفة، ولكن في الحالتين لا بد من الوصول إلى الحقيقة الكاملة، وكشف كافة ملابسات هذه الحادثة الملتبسة، عبر التحقيقات التي تولاها الجيش، عبر جهاز المخابرات، وذلك حتى يُبنى على الشيء مقتضاه، قضائياً وسياسياً. 
ردود الفعل الفورية من قبل بعض الشباب الغاضب ضد النازحين السوريين المتواجدين في منطقتي جبيل وكسروان، قد تكون مبررة في الساعات الأولى لإعلان خبر مقتل المغدور، ولكن إستمرار مثل هذه التصرفات من شأنها أن تورط لبنان واللبنانيين، وخاصة في المناطق المسيحية، بفتنة خبيثة، تُفجر موجة جديدة من العنف العبثي، وتؤدي إلى تفجير أنهار من الدماء، فضلاً عن الخراب العمراني والإجتماعي، الذي تتسبب به، ونشر مشاعر الحقد والكراهية بين الشعبين اللبناني والسوري. 
الجريمة التي تزامن وقوعها مع زيارة الرئيس القبرصي إلى بيروت لبحث مشكلة النازحين السوريين، يجب أن تشكل حافزاً جدياً للأجهزة الأمنية المعنية في ضبط الوجود السوري في لبنان، وتنظيمه في قنوات شرعية، تبقى تحت سيطرة السلطات الأمنية، كما هو حاصل في الأردن وتركيا. 
كما أن على الحكومة أن تتخلى عن الكفوف المخملية في التعاطي مع وجود مليوني نازح سوري في بلد ينوء أصلاً بأعباء مواطنيه، بعد الإنهيارات المالية والمعيشية، ولو أدى ذلك أن يفتح لبنان أبواب الهجرة السورية إلى البلدان الأوروبية، التي تُعارض عودة النازحين إلى بلدهم، وترفض في الوقت نفسه إستقبال العديد منهم على أراضيها، وتكتفي بتقديم الفتات من المساعدات للدولة اللبنانية، مقابل ما يتحمله لبنان من مليارات الدولارات من خسائر في البنية التحتية ومصادر المياه والكهرباء والمواد الغذائية المدعومة. 
أما حملات التحريض والشحن الطائفي والمناطقي، فتزيد مشاكلنا تعقيداً، وتوصلنا إلى حجيم الفتن والحروب الداخلية، التي مازال سوادها يظلل حياتنا حتى اليوم، رغم إنتهاء الحرب البغيضة منذ ٣٤ سنة. 
إنها ساعة للتبصُّر والحكمة، والإبتعاد عن الإنفعالات والفتنة.