بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 كانون الأول 2017 12:05ص الفاروق: خليفة التواصل مع الناس..

حجم الخط
كثيرة هي ألقاب الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، وكلها تصف شدّة بأسه، ومناصرته الدائمة لأصحاب الحق، والفاروق العادل في معالجة قضايا النّاس، ومشاكل الرعية.
ولكن نادراً ما أشار كُتّاب السير والمؤرخون إلى أن عمر بن الخطاب يستحق بلغة العصر لقب «خليفة التواصل مع الناس»، حيث لم يكن بابه مفتوحاً أمام أبناء الرعية وحسب، بل كان يحرص على تفقد أوضاع الناس في جولات شبه يومية في الأحياء والدساكر، ويعمل على تلبية حاجاتهم.
وهذه بعض المشاهد من جولات الفاروق، مع ما تحمله من دروس وعِبر، منذ حوالى 1400 سنة:
{{ في إحدى جولاته المسائية سمع أعرابية تناجي زوجها الغائب في معارك الفتح الإسلامي، وتنشد في مناجاته شعراً، فاقترب أمير المؤمنين وسأل المرأة من خلف الدار: ماذا بك يا أختاه؟ فترد بأن زوجها في ساحات القتال منذ أشهر، وهي تشتاق إليه، فذهب الفاروق إلى ابنته حفصة ليسألها عن المدة التي يمكن للمرأة أن تشتاق فيها لزوجها، فتجيب الإبنة بخجل: أربعة أو خمسة أشهر. فيصدر أمير المؤمنين أمراً إلى أمراء الجيش (لا تحبسوا المجاهدين أكثر من أربعة أشهر)، وأصبح الأمر قانوناً، وقاعدة يعمل بها العديد من الجيوش في عصرنا!
{{ وفي جولة أخرى سمع صراخ طفل يبكي، فيقترب من الدار ويسأل عمّا به، فترد الأم بأنها تفطم ولدها، قبل موعد الفطام، لأنها كانت بحاجة للمائة درهم التي كان يصرفها بيت مال المسلمين لكل طفل بعد الفطام، فكان أن أصدر أمراً بصرف المائة درهم للطفل منذ الولادة، وليس بعد الفطام.. وهذا الإجراء يتبعه العديد من الدول الأوروبية اليوم، لتشجيع الأسر على الإنجاب!
{{ ويبلغ ذروة تواضعه وعدالته عندما تجاوَب مع رفض امرأة من عامة الناس لقانون تحديد المهر الذي أصدره الخليفة عمر، حيث جابهته المرأة بقولها الجريء المعروف: أخطأت يا عمر! لم يكابر أمير المؤمنين في مواجهة شجاعة المرأة وتحديها لأمره، ولم يزج بها في السجون أو يأمر بجلدها لرفضها طاعة ولي الأمر، بل اعترف بكل شجاعة وتواضع بالخطأ، وأعلن أمام جمع من الرعية: أخطأ عمر وأصابت امرأة! وكان أن سحب قانونه وترك للناس أمر تحديد المهور، كل حسب قدرته واستطاعته!
إنها عِبَر من مدرسة عمر بن الخطاب في التواصل مع الناس!