18 حزيران 2022 08:04ص لا رجال دولة بمستوى التحديات!

حجم الخط
طيّ صفحة الترسيم مؤقتاً بإنتظار الجواب الإسرائيلي على العرض اللبناني، قانا مقابل كاريش، لا يعني أن لبنان بدأ بالخروج من دوامة الأزمات المحدقة بالبلاد والعباد من كل جانب، لأن كل المؤشرات السياسية والإقتصادية توحي بأن بلد القضايا الشائكة والملفات المعقدة، مقبل على مرحلة صعبة، في الأشهر المتبقية من ولاية العهد العوني.
أولى المؤشرات السلبية تظهر في المعلومات المتداولة في أوساط أهل الحكم أنفسهم، حول إستبعاد تشكيل حكومة جديدة بالسرعة التي تقتضيها الفترة المتبقية من عمر العهد الحالي، وقد أشار الرئيس نجيب ميقاتي نفسه، وغيره من كبار المسؤولين، إلى صعوبة ولادة الحكومة العتيدة في هذه الفترة القصيرة، الأمر الذي سيبقى فيه البلد الذي يئن تحت وطأة الإنهيارات المتوالية، تحت رحمة حكومة تصريف الأعمال.
ثاني تلك المؤشرات المخيفة، أن الإنتخابات الرئاسية لن تحصل في موعدها الدستوري، وأن الرئيس ميشال عون سيغادر قصر بعبدا دون أن يتسنى له تسليم الرئاسة لخلفه، فيكون بذلك خامس رئيس جمهورية يترك سدة الرئاسة فارغة، بعد كُلّ من الرؤساء بشاره الخوري وأمين الجميل وإميل لحود وميشال سليمان .
ومما سيزيد الأوضاع تعقيداً أن حكومة تصريف الأعمال هي المرجحة لتولي صلاحيات رئيس الجمهورية في فترة الفراغ الرئاسي، بخلاف كل الإجتهادات غير الدستورية الأخرى، لأن نظرية «لا فراغ في السلطة» هي الأصح على ما عداها من تفسيرات أخرى. وهذا يعني أن السلطة التنفيذية ستكون مكبلة بممارسة صلاحياتها في أضيق نطاق ممكن، حسب الدستور.
والمفارقة أن رئيس الجمهورية ومستشاريه يدركون دقة المرحلة المقبلة في ظل حكومة تصريف الأعمال، ومع ذلك مازالت محاولات التسويف والمماطلة بإجراء الإستشارات النيابية الإلزامية مستمرة، تارة بتأخير موعد الإستشارات، وتارات أخرى بطرح مطالب تعجيزية من فريق العهد، وفي مقدمته النائب جبران باسيل الذي يتعمد إستفزاز الرئيس نجيب ميقاتي لإحراجه، عله يتمكن من إخراجه، كما فعل مع الرئيس سعد الحريري في العام الماضي، ضارباً عرض الحائط مدى حاجة البلد إلى حكومة كاملة الصلاحيات لتعمل على متابعة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وحسم مسألة ترسيم الحدود البحرية، وإطلاق مناقصات التنقيب والحفر في المياه الإقليمية اللبنانية.
مأساة هذا البلد المنكوب أنه يفتقد في هذه المرحلة الصعبة، وجود رجال دولة بمستوى التحديات التي تهدد الوطن!