بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 تشرين الثاني 2021 12:00ص البابا: نهاية النفق المظلم وشيكة والمؤمنون رجاؤهم بالله عظيم

في حوار تناول أهمية الصبر وفضله ونتائجه

حجم الخط
يُقال «الصبر مفتاح الفرج»، فبعد أن أُحبط مجتمعنا بالكثير من الأزمات سواء السياسية أو الاجتماعية وأبرزها الاقتصادية التي كانت كالشعرة التي قصمت ظهر البعير، وأوصلت الكثير من الناس إلى التشاؤم والكآبة وعدم تحمّل الصعاب، فكم من أشخاص فَقدَوا أعصابهم وزادت مشاكلهم في حياتهم، وكم من أشخاص أدّت بهم قلّة الصبر على الأزمات إلى التفكير بالانتحار.. ونسي هؤلاء ان الصبر فضيلة لا يقدر عليها كل الناس، فهي تحتاج إلى نفوس إيمانية قوية لتدرك معناه، والصبر جميل لأنه في نهاية مشوار الصبر الطويل يكلل الله الطريق بنتيجة الصبر حيث يشعر الإنسان بضآلة ما اصطبر عليه في مقابل ما حصل عليه في نهايته.

فكيف ننشر ثقافة الصبر في مجتمعنا وفي نفوس أبنائنا؟ وما هو دور الدعاة في نشر هذه الفضيلة؟ هذا ما سيحدثنا عنه رئيس مركز الفاروق الإسلامي الشيخ أحمد البابا في حوارنا التالي:

الصبر نصف الإيمان

{ ما أهمية الصبر في حياة المسلم؟

- إن الله سبحانه وتعالى يقرع أبوابنا بالبلاء وهو الكبير المتعالي ويفتح لنا أبواب رحمته ونكتسب الأجر العظيم بفضله عند الصبر والتحمّل للشدائد والبلاء، فيكرمنا بفضله بغير حساب، وبهذا الحنان الغامر من ذي الجلال والإكرام ترتقي علاقتنا بالله تعالى بالصبر على هذه المحن التي تجلب معها رحمة الله وتنتهي بالفرج، فما بعد العسر إلا اليسر وما بعد الضيق إلا الفرج وما بعد الصبر إلا رحمة الله الواسعة واستجابة إلهية لصبر المبتلين ودعاء المبتهلين.

إن ميزة الصبر الأولى انه يجعل علاقتنا بالله تعالى علاقة روحية وهي علامة لرب العالمين متجلّية في تحمّل العبد ورضاه وهذا التبادل الخفي بين الله وعبده، يجعل الصبر مفتاحاً لفرج الله تعالى العظيم على النحو الذي يعلم الله فيه الخير لعبده.

{ كيف ننشر ثقافة الصبر في المجتمع؟

- إن الله سبحانه وتعالى عندما دعانا إلى عبادة الصبر قال سبحانه وتعالى في سورة العصر {وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}.

وقال أيضاً في سورة آل عمران {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}، فنجد أن الله سبحانه وتعالى في أسلوبه بمعالجة النفس البشرية أراد تعميم ثقافة الصبر بحيث يوصي الإنسان آخاه بالصبر وهي كما قال سبحانه وتعالى {وتواصوا بالصبر}، وقال أيضاً {اصبروا وصابروا} أي عليكم أن تنشروا في المجتمع هذه الثقافة التي تقاوم اليأس وتعالج النفس البشرية بحنان إلهي دافق، فإذا انتشرت في المجتمع ثقافة الصبر والتحمّل نجد ان الله سبحانه وتعالى يعمّم في العباد الاستعانة بالمولى، ونجد أيضاً في ثقافة الصبر ان الله جمعها مع عبادة الصلاة فقال تعالى {واستعينوا بالصبر والصلاة}، فالاستعانة بالله تعالى لا بد أن تكون جهتين متلازمتين، فلا بد للأخرى من الأولى ولا يمكن أن تكون واحدة من دون الثانية، فالصلاة ارتباط برب العالمين، مصداقاً لقوله {إياك نعبد}، وللصبر استعانة برب العالمين كما قال تعالى {وإياك نستعين}، فإياك نعبد وإياك نستعين إذا تحقق فيهما العبد واستغرق بمعانيهما الجليلة نجد ان العبادة مع الاستعانة تحقق للعبد إلتجاء كاملاً إلى الله وعندها يصل إلى قوله تعالى {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}.

أدوار الأهل والدعاة

{ ما دور الأهل في بث روح الصبر عند أولادهم؟

- إننا بوعينا لحقيقة الحياة نعلم ان دوام الحال من المحال، ولذا يتطلب هذا الحال الصبر والاحتساب، ويجب تعميم هذه الثقافة المنجية والجالبة للفرج العظيم في بيوتنا ومع أهلنا ونشرها في المجتمع عندها يرتقي المجتمع ويسمو إلى أعلى درجات الفضائل وأعلى مقامات الإيمان، فحقيقة الحياة نجد ان الإنسان لا بد له من الصبر فيجد راحة نفسية هائلة والاحتساب فيجد من الله سبحانه وتعالى الرضا والأجر الذي أعدّه للصابرين {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.

{ وما دور الدعاة في نشر ثقافة الصبر في ظل الأزمات التي نعيشها؟

- إن النبي صلى الله عليه وسلم كان دائماً مثالياً في الصبر وهو يوجّه أصحابه الكرام إلى إدراك مقام الصبر والاستمرار بالتحمّل حتى يبني بهم الشخصية البطولية، فإن الصبر يصنع الأبطال ومدرسة الدعاة الناجحين تعتمد على الصبر وتبني بالمجتمع فضيلة التحفيز حتى يكون هناك وعي لحقيقة هذه الدنيا ومعالجة أزماتها كما هو وما يحب ربنا ويرضيه.

{ كلمة أخيرة توجهها إلى الناس؟

- في هذه الظروف المأساوية وقد عظمت المواجع واشتدّت على الناس المحن، وُجب علينا أمران، أن نهاب الضيق فيعقبه فرج، وأن نهاية النفق المظلم الذي نعيشه وشيكة والمؤمنون رجاؤهم بالله عظيم، فلا تقنطوا من رحمة الله، ولا تيأسوا من روح الله بل ان الله سبحانه وتعالى سيجعل بعد هذا الظلام نوراً وسيطلّ على الناس فجر قريب بإذن الله تعالى.