بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 شباط 2024 12:00ص الدعاة بعد دخول شهر شعبان: لنتقن الإستعداد لشهر رمضان.. شهر الرحمة والخير والبركة

الشيخ وسيم مزوق الشيخ وسيم مزوق
حجم الخط
عندما يهلُّ علينا شهر شعبان ندرك وبلا أدنى شك أننا على أعتاب وأبواب شهر كريم هو شهر رمضان، وقد كان الصالحون يدركون فضل هذا الشهر الكريم، ويجعلونه مقصدهم ومحور اهتمامهم، فستة أشهر يسألون الله (عزّ وجلّ) أن يبلّغهم إيّاه، وستة أشهر يسألونه سبحانه وتعالى أن يتقبّله منهم، وكانوا يتخذون من شعبان توطئة وتهيئة لاستقبال هذا الشهر الكريم، وإذا كان أهل الدنيا يستعدّون كل الاستعداد لأمور دنياهم، وهو أمر محمود لمن يعمل ويخطّط لإنجاح ما هو مقبل عليه من عمل، وإذا كان من يريد أن يعقد ندوة أو مؤتمراً أعدّ له وهيّأ لأسابيع أو لشهور عدّة، فإن شهراً كريماً بما فيه ليلة هي خير من ألف شهر لجدير أن نعدّ أنفسنا وأن نهيّأها لاستقباله مبكراً..
فكيف نستقبل شهر شعبان...؟! 
وكيف نتجهز فيه لاستقبال شهر رمضان المبارك..؟!
هذا ما سنعرفه في تحقيقنا التالي..

مزوق

بداية قال رئيس دائرة الفتاوى في دار الفتوى الشيخ وسيم مزوق: يمتاز شهر شعبان باقترابه من شهر رمضان المبارك وشهر رجب هو شهر الزرع وشهر شعبان هو شهر السقي وشهر رمضان هو شهر الحصاد، ففي شهر شعبان ترفع فيه الأعمال الى الله تعالى فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصومه من شعبان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال الى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم.
فلذلك يستحب لنا أن نكثر من صيام شهر شعبان، فقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: لم يكن النبي يصوم شهر أكثر من شعبان. أيضا وفي هذا الشهر المبارك يغفر الله عزّ وجلّ فيه الذنوب في ليلة النصف من شعبان، قال صلى الله عليه وسلم: «ان الله يطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلّا لمشرك أو مشاحن»، والمراد في المشاحن أي المخاصم والمهاجر.
انطلاقا من هذا الحديث ندعو جميع الناس أن يتوبو الى الله وأن يقوموا بإنهاء الخصومات وقطيعة الرحم لينالو هذا الأجر العظيم في شهر شعبان، وأيضا نذكّر بأهمية القيام، فالقيام شرف المؤمن وهو دأب الصالحين وخاصة قبل الفجر في وقت السحر حيث يقول الله عزّ وجلّ كما جاء في الحديث: هل من مستغفر فأغفر له، هل من سائل فاعطيه. و لا ننسَ أثناء الافطار وأثناء الدعاء في وقت السحر أن نقوم بالدعاء لاخواننا في غزة وفي فلسطين كلها حيث القصف والدمار والحصار وانقطاع الطعام والماء والدواء، وهم صابرون محتسبون، عندما نصوم في هذا الشهر، كما قال ابن رجب: عندما نصوم في شعبان نمرّن أنفسنا من أجل صيام رمضان، لا يدخل الإنسان في صوم رمضان على مشقة بل يدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط، وعندما نصوم ونشعر بالجوع بالتالي نشعر بالفقراء والمساكين ونحفّز أنفسنا على الصدقات وعلى التبرّع لأهلنا في غزة. ونحمد الله فنقول: الحمد للّه الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا. فكم لنا اخوة في العراء في غزة يفترشون الأرض ويلتحفون السماء وينظرون الى أشلاء شهدائهم من الأمهات والآباء والأبناء والأحفاد حيث روح الروح كلنا شاهدنا وسمعنا قصصا فلا بد في هذا الشهر المبارك من الصدقات، ولقد كان السلف الصادق يكثرون من الصدقات ليتهيّأوا لشهر رمضان ولكي لا يحملوا همّ الطعام والإفطار.
كما نذكر في أهمية تلاوة القرآن، فقد كان الصالحون قبل رمضان يعتكفون على المصاحف ويلتزمون بأوراد قرآنية تحضيرا لاستقبال شهر رمضان وهو شهر القرآن وكما لا يخفى على أحد يقال لصاحب القرآن اقرأ ورتّل كما كنت ترتّل في الدنيا فان منزلتك عند آخر آية فاقرأها، ومن أسباب صمود أهلنا في غزة انهم من أهل القرآن وخرجوا قبل طوفان الأقصى، خرجوا الآلاف من الحفظة وبالرغم من القصف يواظبون على حفظ القرآن ومراجعته وهم بالأنفاق يصلون ويتلون القرآن ويستمدّون قوتهم من الإيمانيات التي عندهم، وهم طبقوا الآية الكريمة {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} وقبل ذلك أخذوا بالأسباب الإيمانية والروحانية وزرعوا العقيدة الإسلامية في نفوسهم ونفوس أزواجهم وأبنائهم، فلذلك انتصروا على اليهود الصهاينة وعلى كل من عاونهم.
ولذلك الناس اليوم تتشجع في شعبان وتبدأ بالسؤال عن العبادات، فإضافة الى ما ذكرنا نذكر أيضا الأوراد الواردة عن الحبيب صلى الله عليه وسلم وخاصة أذكار الصباح والمساء وننصح بقراءة حصن المسلم المعروف حيث فيه أدعية عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تهمّ كل مسلم ومسلمة.
واختتم قائلا نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك لنا في شعبان وأن يبلغنا رمضان، ونسأله سبحانه الصلاة في المسجد الأقصى محررا وأن يثبت أقدام المجاهدين وأن يرحم الشهداء وأن ينتقم من اليهود ومن عاونهم ومن كل حاكم متخاذل وظالم.

شعراوي

أما إمام مسجد المكحل الشيخ د. خليل شعراوي فقال:
شعبان هو الشهر الذي يأتي بين رجب ورمضان، وهو أيام الاستعداد لشهر الصيام، حدث فيه أمور عديدة كتحويل القبلة وغيرها، وهذا الشهر عادة يغفل الكثيرون من الناس عنه.
وشعبان سُميّ بشهر النبي صلى الله عليه وسلم لكثرة ما كان يرى الصحابة من عبادته صلى الله عليه وسلم فيه، فقد ورد عن السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: «كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَصومُ حتى نقولَ: لا يُفطِرُ، ويُفطِرُ حتى نقولَ: لا يصومُ، وما رأيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استكمَلَ صِيامَ شَهرٍ قَطُّ إلَّا رَمضانَ، وما رأيتُه في شَهرٍ أكثَرَ منه صياماً في شَعبانَ».
وورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قام في ليلة النصف من شعبان، فصلّى صلاة طويلة، ودعا دعاءً عظيماً، ويدلّ ذلك على فضل تلك الليلة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا كان ليلةُ النِّصفِ من شعبانَ يغفِرُ اللهُ لعبادِه إلَّا لمُشركٍ أو مُشاحِنٍ».
وشعبان شهر تحوّل القبلة، قال الله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُون}، فقد صُرفت القبلة في شعبان، على رأس ثمانية عشر شهراً من مَقدَمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ.
وشعبان شهر ترفع فيه الأعمال، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، فقال: «ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» رواه النسائي.
وقد ورد عن ابن رجب رحمه الله: صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم، وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أنَّ السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه.
وفي الحديث القدسي: «ألا إنَّ للّه في أيام دهركم نفحات ألا فتعرّضوا لها»، فنفحات شعبان قد أقبلت، وهو ظل رمضان، وكثير من الصحابة والصالحين كانوا يتهيأون في هذا الشهر لرمضان، فينهون أشغالهم الدنيوية حتى إذا دخل رمضان استقبلوه بتفرّغ للعبادة تام، ويخرجون زكاة أموالهم ليعينوا على ذلك الفقراء والمساكين باستقبال رمضان بكل رحابة وسعة.
هكذا شعبان شهر يدعى فيه بالبركة «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلّغنا رمضان»، فرجب شهر الزرع وشعبان شهر السقاية ورمضان شهر الحصاد.
وشعبان في هذه السنة نرجو الله تعالى أن يكون شهر نصر وفرج على جميع المسلمين في أنحاء العالم وخاصة في فلسطين، أعادها الله للمسلمين ورزقنا الصلاة في المسجد الأقصى محرراً.