بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 أيار 2019 06:05ص العلماء في ذكرى استشهاد المفتي حسن خالد: عاش كبيراً ورحل كبيراً يحمل هموم وطنه وأُمَّته

المفتي الشهيد حسن خالد المفتي الشهيد حسن خالد
حجم الخط
يوم السادس عشر من أيام عام 1989 امتدّتْ يد الغدر والإجرام لتغتال قامة دينية ووطنية وعالمية، أعني به مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد الذي نفتقده ونفتقد فيه العالِم ونفتقد فيه الإنسان الجامع، الإنسان الوطني الذي لم نشعر فيه إلا حبّه لأمّته ووطنه وللقضية الفلسطينية.

ما زالت، رحمه الله بعد ثلاثين عاماً، أقواله تلامس واقعنا في كل تفاصيله مما يعني انه رحمه الله تعالى كان بعيد النظر في قراءة الأحداث التي تجري على أرضنا، ولقد كان رحمه الله على درجة عالية من الحنكة وحسن الأداء والقدرة على التواصل واختيار أيسر الطرق للوصول إلى المقصود وكان من حيث الكفاءة العلمية على درجة عالية من الاتقان.

كل ما نستذكر يوم السادس عشر من أيار نستذكر المفتي الشهيد رحمه الله، نستذكر مواقفه النبيلة الجريئة ووقوفه في وجه الظلم وحبّه ودفاعه عن وطنه لبنان وعيشه المشترك التي كانت ثمناً لدمائه النقيّة الطاهرة التي سالت على مقربة من دار الفتوى..

فماذا يستذكر العلماء عن الشيخ المفتي الشهيد حسن خالد بعد ثلاثين عاماً على اغتياله... هذا ما سنعرفه في تحقيقنا التالي:

القاضي عريمط

{ بداية قال القاضي الشيخ خلدون عريمط: لا شك بان المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد ستبقى ذكراه راسخة في نفوس وعقول اللبنانيين جميعاً وخاصة المسلمين الذين منذ استشهاده وحتى الآن يشعرون بالاستهداف من العديد من الجهات الخارجية بهدف إسقاط لبنان وتشويه دوره الوطني والعربي.

لقد حمل المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد قضايا أمته العربية والإسلامية في قلبه كما حمل قضية لبنان التي أراده أن يبقى سيداً حراً عربياً مستقلاً متعاوناً مع أشقائه العرب لا مكان فيه لأي نفوذ اقليمي أو دولي، وهو بذلك كان يحمل نفس الهم الذي حمله بعد ذلك الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كما حمله في نفس الوقت البطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير، والإمام الصدر والكبار الكبار من قادة لبنان الذين لا يرون لبنان إلا موحّداً وعربي الوجه واللسان، والأمل بالله كبير أن تنتصر مسيرة الوحدة الوطنية وعروبة لبنان التي يحمل أمانتها رئيس مجلس الوزراء الرئيس سعد الحريري ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، والكبار من قادة لبنان الذين يعملون لإخراج لبنان من أزمته السياسية والاقتصادية التي يعاني منها اللبنانيين جميعاً.

وأضاف: المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد في كل عام وفي كل يوم لا نزال نعيش في أقواله وأفعاله في ضمائرنا لانه كان المسلم المثال في أخلاقه وتواضعه وتسامحه وحزمه فهو كان يجمع بين القوة في القرار والتسامح والتواضع في علاقته مع أبناء وطنه وأسرته وكل من عرفوه وعايشوه...

وتابع قائلاً: شاءت لي إرادة الله أن أكون بجانب المفتي الشهيد لمدة خمسة عشر عاماً وكنت أعرف كم كان هو كبيراً في علاقته وفي صداقاته وحتى في خصوماته، ولذلك فإننا في هذه الأيام العصيبة نفتقد دوره الوطني والإسلامي، ونؤكد للمفتي الشهيد في ذكرى استشهاده ان المسيرة مستمرة والأمانة بأيدي أمينة للحفاظ على الوحدة الوطنية وعروبة لبنان وكرامة المسلمين واللبنانيين جميعاً.

ونقول للمفتي الشهيد حسن خالد بأن مسيرته مسيرة الوحدة الوطنية والإيمان وعروبة لبنان ستنتصر بإذن الله وله مريدين ومحبين ومقدّرين دوره سيستمرون في حمل الأمانة، أمانة در الفتوى والوجود الإسلامي والعربي.

وتابع قائلاً: ونؤكد للمفتي الشهيد حسن خالد بأن ما بناه من مؤسسات لدار الفتوى هي مستمرة بأمانة وقيادة من كان بجانبه وأعني به مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ومعاونيه الذين في أكثريتهم هم من عاصر وتتلمذ على يدي المفتي الشهيد حسن خالد.

نمْ قرير العين أيها المفتي الشهيد، مسيرتك بخير وعهدنا لك أن نكمل المسيرة، مسيرة الإيمان والوطنية والعروبة ليبقى لبنان كما أردته وطن العدالة والإنماء والتوازن والتلاقي بين اللبنانيين جميعاً.

أيها المفتي الشهيد نمْ قرير العين في جنات الخلد ان لهذا الوطن رب يحميه وان لهذه الأمة رجال كبار في البلاد سيستمرون بحمل رسالة الرحمة والمحبة والعلم والثقافة ليبقى هذا الوطن وتبقى هذه الأمة تحمل مشعل الحرية والعدالة والمساواة وتحرير الأرض كل الأرض وخاصة الأرض المقدسة في فلسطين التي أحببتها واحتضنتها طوال مسيرة حياتك العلمية والوطنية والإسلامية.

واختتم قائلاً: رحم الله المفتي الشهيد حسن خالد وأدخله الله فسيح جناته وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان والاستمرار لإكمال المسيرة، مسيرة المفتي الشهيد التي يقودها الآن مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ د. عبد اللطيف دريان.

القاضي شحادة

{ في حين قال القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة: في الذكرى السنوية لشهيد لبنان والعالم العربي والإسلامي سماحة المفتي الشيخ حسن خالد لا يسعني إلا أن استذكر مدى طموحات ومكانة وانجازات ومواقف الشهيد رحمه الله. لقد كان شخصية جامعة دينية وسياسية واجتماعية مخلصة لوطن تتكالب عليه الأطماع من كل صوب كان له اليد الطولى في جمع كلمة مرجعيات الوطن الدينية حول وحدته وحمايته من الفتن الداخلية والمدعومة خارجيا. فكانت دار الفتوى مقرّا ومقصدا للقاء الأوفياء والمرجعيات ومنها تصدر قرارات مصيرية تحدد مصير الوطن بكل طوائفه. لقد عايشت لقاءاته في دارته بأعلى شخصيات البلد آنذاك وكان له الهيبة التي تهيمن على أي لقاء كان ومن أي نوع كان.

لم يكن همَّه سنّيا فقط بل كان الهم لبنانيا بالمجمل، وبالتالي كان للطائفة الكيان والموقع الذي يعتز به كل لبناني. 

حقق العديد من الإنجازات السياسية وأسهم في عدّة مواقف حقنت فيها دماء. وانشأ مراكز خدماتية وإنسانية وطبية وطوّر ما كان منها موجودا وهي التي تعمل حتى اليوم. 

لقد كان مصيره معروف بالنسبة إليه لم يتردد يوما بأنه يتوكل على الله في كل حركاته وسكناته واعتداله وصراحته ووطنيته، كانت كلها سببا رئيسيا لأعداء لبنان لاتخاذ قرار بتغييبه وإنهاء حياة المفتي الشامخ الصلب العادل الجامع لكل اللبنانيين. وهكذا استمرت مؤامرة التغييب والاغتيالات لكل معتدل ومؤمن بالوطن الواحد، فاستمر القتل والاغتيال لكل من سار على دربه رحمه الله، ممن سبق ان قتل ومنهم من قتل بعده. فكان لغيابه الأثر البالغ في بث الفوضى الطائفية في ظل غياب بديل يشبهه، ليس انتقاصا من دور من أتى بعده لا قدّر الله ولكن لم تعد ظروف لبنان كما كانت، ومع ذلك لدينا الأمل الكبير أن يكون لدار الفتوى في عهدنا اليوم دورها الرائد ولا سيما ان صاحب السماحة مفتي الجمهورية اليوم الشيخ عبد اللطيف دريان هو من الأقرب الى المفتي الشهيد في عهده، وكان له دوره الرائد الى جانب سماحة المفتي الشهيد حسن خالد ولا شك ان لديه ذات المشاعر تجاه لبنان وأبنائه من جميع طوائفه، وأتمنى أن يوفّقه الله في تحقيق كل ما فيه خير لبنان وأبنائه. 

وفي الختام، انني أدعو كل لبناني أن يقتدي بسيرة المفتي الشهيد الكبير الشيخ حسن خالد كي نصل الى الهدف السامي الذي كان يتمنّاه هو واخوانه في الطوائف الأخرى وهي وحدة لبنان واستقراره وحمايته من الخارج. وكم نحن بحاجة اليوم لهذا النهج لإنقاذ لبنان الذي أحبّه الشهيد وأحبّه أبناء الوطن.