بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 أيلول 2023 12:00ص بيروتيّات (48).. مسرحية «شهر عسل في بيروت» (تابع) (2/4)

شهر عسل في بيروت شهر عسل في بيروت
حجم الخط
الفصل الثالث

{ المشهد الأول: (لوكندة «أهلاً وسهلاً». الست روز (صاحبة اللوكندة) - سليمان - سلمى - فؤاد - حسن - نقولا - إلياس).
روز لسلمى: هل أعجبتك الغرفة؟ لقد وضعت لك أغطية جديدة.
سلمى: لا بأس. ولكني سمعت بوجود الكثير من البرغش؟
روز: بل القليل منه.
سلمى: تكفي واحدة كي تمنع عني النوم.
روز: اطمئني سأحضر لك ناموسيه.
سلمى: شكراً.
روز: نقولا ورفيقته جاءا البارحة بالبابور النمساوي وهما مسافران غداً الى طرابلس.
نقولا: نحن أصلاً ذاهبان الى طرابلس، فلما رست الباخرة دخل الى غرفتي عدد من النوتية وحملوا الأمتعة فقلت لهم اننا ذاهبان الى طرابلس وليس الى بيروت، قالوا أن بيروت تفوق طرابلس جمالاً، قلت نعم ولكن مقصدي طرابلس، قالوا: لا بأس أصرف النظر عن طرابلس. ثم سمعت أحدهم يقول يا للّه سيّا احملوا يا ولاد. فحملوا الأمتعة واضطررت أن أتبعهم وأقضي يومين في بيروت.
سليمان لنقولا: هل قمت بجولة في المدينة؟
نقولا: أردنا البارحة القيام برحلة الى مزار الخضر فسرنا الى باب يعقوب وركبنا عربة.
سليمان: من هو يعقوب هذا يا ترى؟
روز: البعض يقول انه طبيب اسمه يعقوب أبيلا كان يسكن عند الباب، وآخر، وأظن ذلك أصح، يقول انه يعقوب الأدرني الذي حصلت معركة بينه وبين أحد أبناء بيروت عند نقطة الباب قُتل أثنائها يعقوب بينما جرح البيروتي الذي حمل جرحه واتجه الى محلة ميناء الحسن حيث خرّ ميتاً، فبُنيَ في ذلك الموقع ضريح عُرف بالشهيد.
سليمان: نحن نرغب بالقيام برحلة مماثلة الى محلة الخضر.
نقولا: لا أنصحك بذلك.
سليمان: لماذا؟
نقولا: فما أن ركبنا العربة حتى أصبحنا تحت رحمة سائق من الأحداث أصبح صاحب الأمر والنهي، وأخذ يضرب الخيل بالسياط حتى ظننا أن الخيل ستقع وأن العربة ستتدهور فينا.
فؤاد: لا شك بأنك تبالغ.
نقولا: مطلقاً، فقد رأينا في طريق العودة بعض الخيول قد وقعت تئنّ من العجز والتعب.
حسن: وهل أجرة العربة تشمل الذهاب والإياب؟
نقولا: نعم، نعم. ولكن ما حصل أننا اتفقنا مع العربجي على ذلك وقد وعدنا بإرجاعنا عند العصر. ولكنه تأخّر أكثر من ساعتين بعد الغروب، واثناء العودة وجدنا الكثير من النساء والأولاد يسيرون في الطرقات الى بيوتهم بعدما نكث العربجية بوعود إعادتهم الى بيوتهم.
حسن: يعني كنتم أفضل من غيركم فقد عاد العربجي وأعادكم ولو متأخّرين.
فؤاد: وماذا شاهدتم في محلة الخضر؟
نقولا: زرنا مقام الخضر واستقبلنا خادم المزار وأرشدنا الى البئر الذي تقول الأسطورة ان التنين كان يخرج منه كل سنة ليبتلع بنتاً من بنات المدينة الى أن صرعه القديس جرجس.
فؤاد: سمعت ان في المزار حجراً اسطوانياً تدلك به ظهر من يشكو ألماً؟
نقولا: أجل لقد شاهدنا الاسطوانة، وقيل لنا ان لها مفعولاً شافياً. وقد لفت انتباهنا وجود لوحة رخامية مثبتة فوق مدخل المزار.
حسن: هل قرأتم ما حُفر فيها؟
نقولا: كلا، فهي محفورة بكلمات تركية، وفهمنا من خادم المزار ان قائداً بحرياً تركياً أمر بكتابتها ورفعها فوق باب المدخل.
حسن لنقولا: ما حصل في زيارتكم للخضر أقل سوءاً مما حصل لإلياس.
فؤاد: وما حصل معك يا إلياس؟
إلياس: خرجت بالأمس أتجول في بعض الأسواق، وسمعت هرجاً ومرجأ ورأيت رجالاً، يضع الرجل منهم رأسه في جوف خروف مذبوح ويركض ليدخل السوق غير عابئين بالمارة والواحد منهم يردّد: ظهرك، وجهك بالك؟
فؤاد: واللحوم حتماً كانت مغطاة؟
إلياس: طبعاً كانت مغطاة بمآزر وأكياس وأغلب الظن انها كانت بيضاء إلّا انها لم تغسل منذ أن نسجت.
سليمان: في مطلق الأحوال فإن النار كفيلة بتطهير اللحوم من أي أوساخ أو ميكروبات.
إلياس: ويا ليت الأمر اقتصر على ذلك.
فؤاد: ماذا أيضاً؟
إلياس: لقد حاولت الفرار من حاملي الخرفان فدخلت احدى الدكاكين فاصطدمت رأسي بالمعاليق والكروش المعلّقة فيما كنت أنظر أين أضع قدمي.
حسن: ان أسواق اللحم جميعها متشابهة.
سليمان: أرجو أن لا يحصل لي غداً في السوق مثل ما حصل معكما.
{ المشهد الثاني (سوق الخضار - سليمان - سلمى - متسوّلون - باعة خضار وفاكهة).
شحاد 1: أطلب من الله.
سليمان: الله يعطيك.
شحاد 2: من كرم الله.
سليمان: الله يسهّل أمرك.
شحاد3: من مال الله، صدقة لوجه الله.
(يمرُّ أثناء ذلك رتل من الحمير حاملة حجارة وشيحاً وجراراً وسحاحير).
بائع خضار ينادي: بادرية يا لوبيا، صابيع البوبو يا خيار، هليون يا باذنجان، بلدية يا بامية..
بائع فاكهة ينادي: تمّر الجمّيز تمّر، رملي يا صبّير، عالله الشفا يا توت، (ينظف عنقود عنب قبل أن يعلّقه) حانشنقه مين يتشفّع فيه؟
سلمى: اشترِ لنا يا سليمان من هذا الخيار.
سليمان للبائع: اعطني كيلو خيار. (همّ بدفع الثمن)
البائع: انتظر قليلاً. (أخذ البائع سلّاً ووضع فيه باذنجاناً).
البائع: خذْ هذا الباذنجان فإنه هليون.
سليمان: أنا لا أشتري خضار فأنا نزيل لوكندة.
البائع: لا بأس من مشترى رطل منه (ثم وضعه في السّل مع الخيار، وبدأ بوزن كمية من البامية).
البائع: كذلك يلزمك رطل من البامية.
سليمان: سبق أن أخبرتك أنني لا أشتري خضاراً فأنا أدفع للوكندة ثمن الطعام.
البائع: خذْ هذه البامية، فصاحب اللوكندة سوف يسرّ منك ومنها.
سليمان: لا يهمّني سواء سرّ أو استاء، فأنا أدفع له ما يترتب له بدل وجبة الطعام.
البائع: إذن ادفع ما عليك وخذْ السّل واذهب ولا لزوم لكثرة الكلام وإلّا ستندم.
سليمان: وكم ثمن هذه الأشياء؟
البائع: ريال مجيدي.
سليمان: هذا ريال وهذا قرش بقشيش وخذْ السّل أيضاً. 
البائع: يظهر أنك من قليلي الذوق، أتظن أنني متسوّل كي تعطيني إحساناً، خذْ أمتعتك واذهب وإلّا؟
سلمى لسليمان: لنذهب من هنا أرجوك.
سليمان لسلمى: ما رأيك بشراء شيء من الجمّيز؟
سلمى: لا أريد لا جمّيز ولا صبّير.
سليمان: إذن فلنذهب إلى سوق السمك.

* مؤرخ