بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 أيلول 2023 12:00ص بيروتيّات (49).. مسرحية «شهر عسل في بيروت» (تابع 3/4)

سوق الفشخة سوق الفشخة
حجم الخط
الفصل الرابع

{ المشهد الأول: في سوق السمك: سليمان - سلمى - بائع.
سليمان: هاكِ فسوق السمك يُعرف من رائحته.
بائع السمك ينادي: طازة يا سمك، أكّال الطازة ما بيتآذى. غسّل وملّح واقلي، من الغلوة للكلوة.
سلمى (تضع يدها على أنفها): ولكن السمك الطازة لا رائحة له.
(يقترب سليمان من البائع يأخذ سمكة ويدنيها من أنفه).
البائع (عجوز جالس على كرسي وبيده نارجيلة): أهذا سمك يُشمّ. ألا ترى تورّد خدّيه، ألا تنظر احمرار عينيه؟ أضربك العمى... كم تريد؟
سليمان: شكراً.
{ المشهد الثاني: (سليمان وسلمى وبائع حلوى).
سليمان للبائع: أعطني كيلو من صدر السفوف هذا.
البائع: تفضّل هذا كيلو. (ثم يقدّم له قطعة بقلاوة): ذقْ قطعة البقلاوة هذه ما ألذّها.
(يدني سليمان القطعة من فمه ويشمُّ رائحة كاز، فيدفع الثمن ويسير مسرعاً ليضعها الى جانب الطريق).
{ المشهد الثالث: سليمان وسلمى وبائع طرابيش.
سلمى لسليمان: أنظر هذا سوق الطرابيش وأنت بحاجة لطربوش جديد، اذهب واشترِ واحداً.
(يدخلان سوق الطرابيش).
سليمان: بكم الطربوش يا عمّ؟
يأتي البائع بعدة طرابيش ثم ينتخب أحدها ويقول: هذا هو المطلوب.
سليمان: ولكنني أراه صغيراً.
البائع: لا ليس صغيراً واني أراه مناسباً وهو يبدو لك صغير لأنه جديد، ثم هو حسب رغبتك.
سليمان: أنني أشعر بصغره من ضيقه، هات أكبر منه.
البائع: (لم يكن لديه أكبر منه) انه حسن وجميل ولايق لك وسيتّسع مع الاستعمال.
سليمان: وعلى كل حال أرجوك التكرّم بأكبر منه.
البائع: قلت لك هذا لايق لك.
سليمان: نعم. ولكنني أنا أفضّله أكبر.
البائع: قلت لك هذا لايق لك (وحملق بعينيه بسليمان).
سليمان: نعم.. نعم لايق لي كما أمرت.
(يدفع ثمنه ويضعه عل رأسه ويسير صاغراً).
{ المشهد الخامس: صالون اللوكندة: سليمان - سلمى - روز - إلياس - فؤاد...
سليمان: يبدو مما جرى معنا مع الباعة أمس أن الحالة الاقتصادية في البلدة ليست جيدة بدليل أن الباعة أجبرونا على شراء ما لم نكن بحاجة إليه.
فؤاد: انها عادة الباعة يستعملون معك الترغيب وإلّا فالترهيب.
روز: إذا أردتم أن تشاهدوا ازدحام الأسواق فعليكم بسوق الفشخة.
سلمى: وأين هذا السوق؟
روز: أنه على بُعد فشخة من هنا، فهو يبدأ من جامع السراي أو جامع الأمير عساف وحتى الجامع العمري.
سليمان: وهل سُمّي كذلك لأنه قريب من اللوكندة؟
روز: كلا، فقد اتخذ اسمه من ضيقه وتزاحم الأقدام فيه. فأصحاب المحلات يبسطون بضاعتهم وسحاحيرهم ويوقفون أولادهم وحميرهم أمام محلاتهم ولا يتركون للمارة في السوق سوى فشخة، وفي هذه الفشخة قد يمرُّ بها معكم رتل من حمير الحجّارة الذين ينقلون الحجارة الرملية من مقالع المصيطبة والزيدانية الى موقع ورشة البناء.
سليمان لسلمى: فلنذهب إليه.
{ المشهد السادس: في سوق الفشخة: سليمان - وسلمى - باعة: عطور - بوظة - خيار وتمرية.
(يعبر سليمان وسلمى من سوق الفشخة الى سوق العطارين قرب الجامع العمري الكبير).
سلمى: لاحظ يا سليمان، ان رائحة البهارات تفوح في كل مكان.
سليمان: طبعاً أنه سوق العطارين. اسم على مسمّى.
سلمى: سمعت أن هناك أنواعاً من الصابون المطيّب الذي يمكن أن يوضع بين الثياب فيعطيها رائحة حلوة.
(يدخلان أحد المحلات)
سليمان: السلام عليكم.
العطّار: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
سليمان: يوجد لديك صابون مطيّب؟
العطّار: يوجد لدينا صابون يزيل الأوساخ والأدران وله رائحة طيبة.. (ويلتفت إلى سلمى) ويوجد لدينا حمرة للوجه تسمّى ضوء القمر إذا فرك بها الوجه ثبت لونها مدة ثلاثة أيام. وتوجد دهون لإزالة النمش والكلف والحبوب، وهذه المستحضرات مكفولة وهي من صنع ابن بلدتنا أحمد فانوس، خذي وجرّبي ولن تندمي.
(يمرُّ أثناء ذلك بائع البوظة والتمرية)
بائع التمرية ينادي: قرّب، يا ولد، كل هول بعشرين يا بيضا، كل هول بقمري يا حلو.
بائع البوظة ينادي: نصف أوقية بعشرين يا غندور، نصف اوقية بقمري حوّل صوبي.
(يقترب سليمان وسلمى من بائع البوظة)
سليمان: ما هذه الصناديق أمامك؟
البائع: هذه تنكة البوظة والثانية تنكة الثلج والثالثة تنكة الأقداح والملاعق والمنشار والمضرب والمقشط.
يأخذ البائع قالب من الثلج يرشُّ عليه ماء ملوّناً وينادي: منوّع، ملّون. فريسكو من ثلج الجبل.
ويهمّ سليمان بشراء البوظة وتهتف سلمى في أذنه: لا يا سليمان. لست مطمئنة لنظافة أدوات البائع.
بائع التمرية ينادي: تمرية وتمّرناها، وبالسيرج حمّرناها. قرّب ودوق يا حبوب، التمرية بتاكلها العجوز بتصير صبية، قرّب عالسخن.
سلمى: كيف تصنع التمرية؟
البائع: أنها من عجين محشو بالحليب ونسمّي الحشوة ضرب قتل، ثم تُقلى بالزيت أو السيرج، وكما ترين بعت كل ما على الصدر ولم يبقَ إلاّ قطعة واحدة. هل تريدينها؟
(تسمع سلمى بائع البليلة).
بائع البليلة: بليلة بلبلوكي، سبع جواري خدموكي، قولي لأمك ولأبوكي، يشتروا لك بليلة.
سلمى لبائع التمرية: شكراً أفضّل البليلة.
واقترب منها بائع المعلّل ينادي: حلّي سنونك (أسنانك).
فهمّت بتذوّق معلّله لولا أنها رأته يمطّ المعلل بين يديه فيصبح كالحبل، وعندما يتطاول تكون كفّاه قد امتلأتا بالدبق، فيبصق عليهما وينادى: بيعلــــــــــــــــــــــــــك (بالمدّ).
ترتفع أثناء ذلك ضجة في السوق ويتجمهر الناس حول أحد الباعة ويندسّ سليمان بينهم ليعرف ماذا حصل. فيجد بائع خيار وقد أمسك بزبون.
سليمان للبائع: ما الأمر؟
البائع: صار لي من الصبح أعرض هذا الخيار للبيع وكل ما سألني زبون عن السعر وقلته له قال لي جاي ويذهب دون أن يعود والآن هذا الزبون سألني السؤال نفسه وقال لي جاي، وها قد أصبح العصر ولم يأتِ أحد ولم أبع شيئاً.
سليمان للزبون: هل صحيح أنك وعدته بالعودة؟
الزبون: لم أعده بالعودة والشراء منه بل قلت له جاي يعني أن الخيار جاي أي هو في أول الموسم ويكون ثمنه مرتفعاً وبعد أيام يرخص ثمنه فنشتري منه.

* مؤرخ