بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 أيلول 2023 12:00ص بيروتيّات (50).. مسرحية «شهر عسل في بيروت» (4/4)

مسرحية «شهر العسل» مسرحية «شهر العسل»
حجم الخط
الفصل الخامس

{ المشهد الأول: صالون اللوكندة - روز، سليمان، سلمى، فؤاد، حسن، إلياس، بلبل، وشرطيان.
روز: الليلة سيٌسمعكم الأستاذ بلبل المطرب المعروف في بلاد الشام أحلى الأغاني.
سليمان: لقد سمعت البارحة في الأسواق بعض الصبيان يسيرون في الأزقة ويرددون أغنية لازمتها: الماني الماني، وفيها الكثير من سوء الأدب والفحش ما يخدش أسماع البنات والنساء والأولاد، وقد توسّعوا فيها ما بين مشطّر ومخمّس حتى صارت كالقصائد الطوال.
روز: لقد علمت أن البلدية جارية في منع الصبيان من هكذا ممارسات.
حسن: ان أغاني الأستاذ بلبل هي من الأغاني الرائجة في البلدة وهي بعيدة عما يفعله ويردّده الصبيان المشار إليهم.
(بلبل يبدأ الغناء)
بلبل: النوم حرم أجفاني
        لما حبيبي جفاني
        فاقصر كلامك يا عذول
        يلّي جرى لي يكفاني
سليمان والآخرون: أحسنت.. أحسنت زدنا
بلبل: البلبل ناغى وما ناغى
       شوفي شو بدو الآغا
       طالب وصالي الساعة
      لبّسني الكردان والساعة
(يعزف بلبل عزفاً منفرداً على العود) ويتابع:
اليوم يا بدري تزيل الهموم
ونجتمع مثل القمر والنجوم
ونحتسي صرفاً كؤوس الهنا
بين الندامى في ظلال الكروم
صهباء كانت قبل خلق الوجود
تجلى لدى خطابها بالعقود
لها صبا آدم وموسى وهود
ونال إبراهيم منها العهود
(وختم الأستاذ بلبل السهرة بأغنية):
بلبل:
الورد في وجنات بهيّ الجمال
وعتبري الخد سبى مهجتي
أهيف شغل بالي بيته الدلال
ما حيلتي في الحب يا لوعتي
(وردّ الجميع بعده)..
الجميع: نعم نعم، ما حيلتي يا لوعتي.
(يدخل شرطيان فجأة).
روز: أهلاً، ماذا تريدان؟
الشرطي: لقد وقعت جريمة في كازينو الرومي القريب ونريد تفتيش اللوكاندة.
روز: تفضّلا لم يدخل غريب الى هنا الليلة.
شرطي لزميله: ابحث في غرف اللوكاندة.
(يعود بعد قليل).
الشرطي: لا شيء سيدي.
الشرطي: نأسف سيدة روز. وداعاً.
{ المشهد الثاني: صالون اللوكندة - سليمان، سلمى، حسن، فؤاد، إلياس.
(إلياس عادَ من الجمرك، يدخل اللوكندة وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة).
سليمان: شو القصة يا... لماذا تبدو حانقاً؟
إلياس: دعني أرجوك، لا تسل عمّا جرى معي.
فؤاد: أخبرتنا انك ذاهب الى الميناء لإخراج البضاعة التي وردتك.
إلياس: نعم يا سيدي. وصلت البضاعة ويا ليتها لم تصل.
سليمان: لماذا؟ ماذا حصل؟
إلياس: لم يكفِ ما عانيته من أجل إخراج البضاعة، ولكن لحقت بي خسارة كبيرة.
فؤاد: أعتقد أنك سدّدت رسوماً جمركية كبيرة، أليس كذلك؟
إلياس: يا ليت الأمر اقتصر على الرسوم؟
سليمان: ماذا بعد أكثر؟
إلياس: لقد مررت على سبعة حواجز وعلى كل حاجز خوّة مختلفة.
حسن: إخراج البضاعة من المينا بحاجة لسبع خوّات؟
إلياس: نعم يا أستاذ، أول خوّة هو البلاء من البحرية الذين ينقلون البضاعة من السفينة بقواربهم الى الشاطئ، فلا يهمّهم إذا غرقت بعض الصناديق بالبحر.
حسن: هذه عادة البحرية وطريقتهم.
إلياس: ولا يهمّهم كذلك إن وصلت البضاعة مبتلّة أو ممزقة.
فؤاد: والضريبة الثانية؟!
إلياس: ما كدت أصل إلى الميناء حتى وجدت البضاعة وقد خطفتها أيدي المستفين وقبل أن اتفق معهم على الأجرة كانوا قد وضعوا الصناديق مقلوبة مستورة البطاقات، وفي مكان بعيد عن موقع الوزن والكشف، وعليّ أن أدفع ما يريدون.
حسن: وهل دفعت رسم الجمرك؟
إلياس: قبل أن أصل الى تسديد الرسم اضطررت الى دفع أجرة نقل الصناديق من الجمرك القديم الى موقع جديد.
سليمان: هذا رسم ثالث، وبعده؟
إلياس: قدمت البضاعة للوزن والمعاينة ورجوت المأمور بعدم بعثرة المحتويات ولكن دون طائل فقد فتح الصناديق وبعثر بعض محتوياتها.
حسن: وهنا انتهت المعاناة؟
إلياس: إنك متفائل، فعليك دفع ما تيسّر لكي يحنّ عليك المأمور باستلام الرسم منك وتسليمك إيصال بالدفع.
فؤاد: بقي الرسم السادس؟
إلياس: بل قل ضربة لا رسماً، فما أن يشاهد العتالة الإيصال بيدك حتى يهرعوا الى البضاعة لتحميلها والأنكى من ذلك أنهم لا يسمحون لغيرهم بحملها.
فؤاد: وما هو الرسم السابع إذن؟
إلياس: انه ليس رسماً بل هي الخسارة المحققة لأن بالاتي لم تصل الى خان البربير إلّا مقطّعة الأطواق وممزّقة الغلافات.
سليمان: أنتم التجار تشكون دائماً من الخسارة مع أنكم ستضيفون هذه الرسوم جميعها على المشتري الذي يتحمّل بالنتيجة غلاء الأسعار وبلاء الخوات.
{ المشهد الثالث: في دكان النجار - سليمان والتاجر ونجار.
(التاجر يريد مقاولة نجار لمساعدته في إصلاح صناديق البضاعة ويصطحب سليمان).
سليمان: السلام عليكم.
النجار: وعليكم السلام، يا فتّاح يا عليم يا رزّاق يا كريم.
سليمان: ونِعمَ الدعاء.
التاجر: لي عندك حاجة أرجو أن تساعدني فيها.
النجار: وما هي حاجتك؟
التاجر: استوردت بضاعة وصلت البارحة وبعض صناديقها مكسورة بحاجة لإصلاح.
النجار: لا بأس تكرم.
(وأثناء الحديث يدخل زبون).
الزبون للنجار: كلّف خاطرك، أعطني شقفة خشبة طول شبرين.
(النجار يترك شغله ويحضر الخشبة ويسلّمها للزبون).
الزبون: مرسي.
النجار لسليمان والتاجر: أرأيتم هذا زبون السخرة. ويشكرني بالفرنسية كأنه قادم لتوّه من باريس.
(وأثناء الحديث يدخل زبون آخر).
الزبون الثاني للنجار: بونجور.
(يفتح النجار فاه ليتكلم).
ويتابع الزبون: كلّف خاطرك يا جار وأعطني مسمارين ما عندي وقت روح للمينا.
(النجار يعطي الزبون مسمارين) ويقول: هذا زبون سخرة آخر.
(تقف إمرأة عجوز أمام المحل).
المرأة للنجار: وحياتك بدي مسمارين لتسمير جلد القبقاب بعيد عنك انقطع (فأعطاها ما طلبت).
النجار للتاجر وسليمان: أنا تحت تصرفكم للذهاب الى الخان وإصلاح الصناديق (وأثناء الحديث يدخل زبون وقد سار رأساً الى المغراية).
الزبون للنجار: بإذنك يا معلم، انقبعت مسكة شمسيتي.
النجار: إذنك معك.
سليمان: كل شغلك سخرة؟
النجار: ليس شغلي وحدي، البارحة مررت بدكان إسكافي، فرأيت مصابه كمصابي. ومن يومين سمعت صديق يستفسر عن قضيه من أبوكاتو وقد ارتاح من جوابه له. وسألته سؤالك للأبوكاتو على الحساب أو سخرة؟
سليمان: ماذا قال لك؟
النجار : قال لماذا؟ ماذا خسر عليّ، كله كلام بكلام.
سليمان: أجل ولكن زبائنك كلام بمسامير وقطع خشب.
النجار: كل إنسان وبضاعته. والمثل يقول: إذا شفت رزقك رايح الحقه بالترحاب.
سليمان: ونحن غدا راحلين.

* مؤرخ