بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 كانون الأول 2023 12:00ص بيروتيّات (63).. وفاء البيارتة للقاضي عبد اللـه جمال الديـن (6/7)

جانب من رسالة البيارتة إلى القاضي عبد الله جمال الدين جانب من رسالة البيارتة إلى القاضي عبد الله جمال الدين
حجم الخط
«الوفاء يعرفه ذووه» رسالة البيارتة إلى القاضي عبد الله جمال الدين

للحضور العالي،
جناب مفخر الموالي الفخام، ومقتدى أفاضل العلماء الأعلام، حضرة العالم العلّامة والجهبذ الفاضل الفهّامة، صاحب الفضل حقيقة، المستقيم في جميع شؤونه على الطريقة، السيد عبد الله أفندي جمال الدين والدنيا نائب بيروت الأفخم، لا زال عقد الشريعة بدرر أحكامه ينظّم، ولا برح ثناؤه يضوَع، وجليل شكره يروق ويروع، غبّ نشر ثناء وإخلاص دعاء، يسعيان الى ناديك على هام الاحترام، بغاية الاجلال ونهاية الاعظام، نعرض لمقامك الرفيع وحرم جاهك المنيع انك قدمت علينا قدوم الغيث على اثر الجدب، فبدّلته من ربيع أياديك بأنواع الخصب، فزاولت أحكام الشريعة بالعدل وكسوتها الفضائل بما لك من الفضل، وأقمت أحكام العدلية بتطبيق النظام على الشرع الشريف، وأبرزت القضايا على محور الحق بكل احسان وتلطيف، فكنت خير عالم أحسن بعمله العمل، وفاز راجي الإنصاف منه بما هو فوق الأمل.
ولما صرت مفتش العدلية في سورية لم تهمل النظر الى ثغر بيروت البسّام، فلم تزل ترعانا بعين معروفك، وما جبلتَ عليه من حفظ الزمام، وقد عزّ قدر العدلية بما لك من الباع الطويل، وصارت العيون تنظر إليها في كل النواحي من كل وجه جميل، فحفظت نظامها وان عطّر الأرجاء نشره، وعظّم بارائك السديدة أمره، ولما عدت إلينا نائبا بما هو من تمام السعد أحييت أملنا وسعد بطالعك السعيد منا الجد، فأحكمت تنظيم الأحكام على أحسن أسلوب وأبدع نظام، واستانفت العمل بما يطيب ويتعرف بنشر ثنائه عرف الطيب.
ولما أردت الاستعفاء من نيابة بيروت في أول مرة لجأنا الى تقديم الاسترحام ان لا تذيقنا بفراقك أعظم حسرة، فأجبت استرحامنا بتمديد مدة النيابة وبقيت فينا تغني قطر بيروت عن قطر السحابة ولم تقصر عملك على إقامة الأحكام بل سعيت بما جعل بيروت شامة في وجه بلاد الشام، فرفعت شان المعارف وبذلت في انتظام مدارسها جليل العوارف، فوفّرت لها الموارد بما أثنى عليك الصادر والوارد مما لا ينكر له اثر ويغني خبره عن جليل الخبر.
ولا ينكر في وجود المدرسة السلطانية سعيك الجميل وإبرازها في غاية الانتظام بما يوجب لك الشكر الجزيل مع خلق سهل وكرم جزل وأيادٍ هي في الأعناق أبهى من قلائد الأطواق، فلا غرو إذا أخذنا الهلع واستحوذ علينا الجزع بما قدّمته من الاستعفاء، وما عزمت عليه من مفارقة وطننا الذي لا ينسى ما لك من اليد البيضاء وحيث أخفقت مساعينا بما أقمته من الأعذار وأخليت أوطاننا من فضاء الأوطار تمثلنا لديك أيها السيد الهمّام نمثل لك عموم أهالي بيروت بكل احترام ونبدي لك ما شمل الجميع من الأسف على خير سلف لا يكون مثله في الفضل خلف، ونشكر أياديك الجليلة ومساعيك الجميلة.
ونقدّم لك عنواناً على دوام الشكر إذ لا يبرح لك بألسنة الثناء ذكر هذه المجلة برداء الذهب البديع تعرب عما لك من المحبة عند الجميع حيث أقمت أحكامها أحسن أقامة، لم يهوَ بك الهوى عن طريق الاستقامة، فاقبل على القبول فضلا ومنّا، واقبل مزيد الدعاء والثناء منّا، والأمل أن ندوم في خاطرك الكريم، كما لم يبرح شخصك ممثلا أمام كل منا بكل تعظيم، والمدار على تقارب الأرواح، وان بعدت الهياكل والأشباح، لا زلت مديد الجاه طويل العمر وافر الحرمة، يعود بقاؤك بكل النفع على هذه الأمة، ولا برحت فضائلك يفوز بأثرها كل مكان، لا ينتهي وارد مددها أو ينتهي الزمان، اللهم آمين. 21 رجب سنة 301 و3 مايس 300.

* مؤرخ