بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 شباط 2021 12:00ص مزوق: مع استمرار إغلاق المساجد بسبب كورونا دافع لكل مؤمن للمزيد من العبادة والتقرّب إلى الله

حجم الخط
لا يخفى على أحد انه بسبب جائحة كورونا، اتخذت الدولة إجراءات وقائية ومن بين هذه الإجراءات إغلاق المساجد تجنّباً لانتشار الوباء.. الأمر الذي جعل الكثير من المصلين يحتارون عن كيفية متابعة أمور دينهم ومطالعاتهم.. منهم من كان يفضّل أداء الصلاة كل فرض بفرضه في المسجد، ومنهم من كان يستمتع بسماع الدروس الدينية حيث يشعر المصلين بروحانية وإيمانية عميقة تقرّبهم إلى الله سبحانه وتعالى..

ومع إغلاق المساجد برزت الدروس الدينية بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي التي تعوّض ولو بجزء قليل من ثقافة المؤمنين الدينية..

ففي ظل هذه الظروف التي نعيشها كيف يُمكن للإنسان المسلم أن يتابع أمور عبادته?.. وغيرها من الأسئلة التي تُعنى بهذا الإطار طرحناها على رئيس دائرة الفتاوى في دار الفتوى الشيخ وسيم مزوق، فكان الحوار التالي:

{ في ظل إغلاق المساجد, كيف يُمكن للمسلم أن يتابع أمور عبادته ومطالعاته؟

- يقول الله تعالى في كتابه العزيز {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا} ومن الابتلاءات التي نزلت بنا «وباء الكورونا» حيث عمّ الصالح والطالح، وكلنا نرى أن هذا الوباء لا يفرّق بين أحد وللّه سبحانه وتعالى الحكمة في ذلك حيث نرى تمحيص، فالمؤمن الصادق التقي النقي يصبر ويحتسب أجره عند الله، ولا يتوقف عن عبادة ربه بل على العكس يكثر من الدعاء والاستغفار والصدقة بنيّة رفع هذا الوباء ولا يترك الصلاة أبداً سواء الفرائض أو السنن.

وأضاف: لقد تمّ إغلاق المساجد، وذلك أخذاً بإجراءات وقائية لمواجهة هذا الفيروس، فالمؤمن يعلم ان الحبيب صلى الله عليه وسلم قال: «وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً» فالمسلم حيث أدركته الصلاة يصلي، وبالتالي يستطيع أن يصلي الصلوات الخمس في منزله، ولا يقصر بالتضرع والالتجاء إلى الله، فقد قال  صلى الله عليه وسلم «عجباً لأمر المؤمن ان أمره كلّه له خير ان اصابته السرّاء شكر فكان خيراً له وان أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له» وليس ذلك إلا للمؤمن.

فعندما يصلي الإنسان يدلُّ ذلك على انه ذات صلة وثيقة بربه حيث يبقى على اتصال دائم بالله عزّ وجلّ سواء في السرّاء أو الضرّاء.

{ هل يُمكن اعتبار دروس العلماء «أونلاين» كافية أم عليه الاجتهاد أكثر؟

- العلماء ورثة الأنبياء عليهم مسؤوليات كبيرة ومهمة وعظيمة لأنهم يبلّغون عن الله وعن رسول الله  صلى الله عليه وسلم، فهم القدوة الحسنة وهم الذين يعلّمون الناس أمور دينهم وهم الذين يرشدونهم إلى الحق ويأخذون بأيدي النّاس إلى الصراط المستقيم إلى صراط الله وسنّة رسوله  صلى الله عليه وسلم.

وهذه الرسالة تبلّغ بشتى الوسائل، فالعلماء لا يقتصر تدريسهم فقط من خلال الدروس في المساجد بل بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي كافة خاصة في زماننا.

وتابع: فالـ «فايسبوك» وسيلة نافعة في زماننا تستخدم في الخير، ان أحسنّا استخدامها، ومن ذلك أن يبث العالِم دروسه بواسطة الـ «فايسبوك» مباشرة حيث يتفاعل مع الناس ويشاهدونه ويطرحون عليه الأسئلة ويجيبهم ويعلّمهم، وأيضاً يستطيع العالِم أن يقيم حلقة بواسطة تطبيق «زووم» فليعطي دروساً خاصة سواء في علم التجويد أو الفقه أو العقيدة أو سائر العلوم، وأيضاً الـ «واتس آب» حيث تُلقى الأسئلة ويجيب على النّاس، فتبقى هذه العملية من التواصل بين العلماء الربانيين وبين النّاس قائمة لكي يبث التفاؤل والأمل والسعادة بين النّاس حتى لا يشعروا بالتشاؤم أو اليأس من رحمة الله لأن التواصل بواسطة هذه الوسائل يأتي نفعاً وإيجابياً عند الناس حيث يستثمرون أوقاتهم بالأشياء النافعة وتعوّضهم عن الدروس التي كانوا يأخذونها في المساجد.

{ كيف يُمكن للمسلم أن يقيم مسجداً صغيراً في بيته؟

- الوالدين أي الأم والأب هم القدوة لأبنائهم، ولذلك في ظل جائحة كورونا وهذا الوباء الذي نشاهده والحجر الذي عايشناه على كل أب أو أم أن يجعلوا المنزل أو مكاناً مخصصاً في المنزل للصلاة، وكم جميل أن يؤذّن الأب في المنزل إذا كان الاذان غير مسموع أو أن يقيم الصلاة تطبيقاً للسنّة فتجتمع العائلة على الصلوات الخمس جماعة، وقد شاهدنا بعض الصور كيف قام بعض الأهل بوضع سجادات خاصة للصلاة في مكان معين في المنزل ورسم محراباً ووضعوا صوراً لمئذنة وقبة المسجد حتى يعيش الأولاد هذه المعاني وحتى يتم تشجيعهم على الصلاة.

وأنصح الأهل باقتناء كتاب «رياض الصالحين» أو الأذكار للإمام النووي رحمه الله تعالى أو أي كتاب يشتمل على أحاديث نبوية، فيقرأ الأب أو الأم حديثاً بعد الصلاة للأولاد، وهكذا تكون البركة والرحمة والسكينة دخلت المنزل حيث تأتي الملائكة وتلتمس حلقة العلم والذكر وبالتالي تنطرد الشياطين ونرى النور يخرج من هذا المنزل وكل ذلك بتوفيق من الله.

{ ما هي نصيحتك للمسلمين في ظل كورونا ومع اقتراب الأشهر الكريمة: رجب وشعبان ورمضان، في المواظبة على العبادة؟

- شهر رجب شهر التخلية وشهر شعبان شهر التحلية وشهر رمضان شهر الترقية، قد يقول البعض ها نحن بدأنا برجب ونودّع رجب وسيأتي شعبان ولم تفتح المساجد بعد فكيف نتقرّب إلى الله عزّ وجلّ؟! نقول العبادة في هذه الأشهر وفي غيرها ليست مقتصرة فقط على الصلاة في المسجد بل أخي المسلم كل منا يستطيع أن يتعبّد في أي مكان في منزله وفي غير منزله، كيف ذلك؟! فالذكر عبادة نستطيع أن نتذكّر الله في كل وقت وفي كل حين وفي أية حال، قال ربنا: {يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم}، فالصيام عبادة يستحب لنا أن نكثر من الصيام في رجب لأنه من الأشهر الحرم وأجر الطاعة مضاعف فيه، ومن شعبان من السنّة نستطيع أن نكثر من صيامه، لأن الأعمال ترفع فيه إلى الله ولأنه شهر يغفل النّاس عنه.

وذكرنا ان رجب شهر التخلية أي نتخلّى عن جميع الذنوب والمعاصي، وهذا في كل الشهر ولكي يتحضّر الإنسان قبل رمضان بمحاسبة نفسه، وفي شعبان يتحلّى بالطاعات أكثر ويجتهد أكثر استعداداً لرمضان فهو شهر الترقّي ولا يقول أحد كيف سنصلي التراويح إذا لم تفتح المساجد، لأن صلاة التراويح هي صلاة قيام ونستطيع أن تقوم في منزلك، ونقول أيضاً نحسن الظن بالله، لأنه قادر على رفع الوباء قبل أن يأتي رمضان، فنصلي التراويح في بيوت الله.

واختتم قائلاً: أدعو كل المسلمين إلى التضرع للّه عزّ وجلّ في هذه الأشهر الفضيلة، بأن يرفع هذا البلاء والوباء والغلاء فتفتح المساجد بإذن الله لكل الصلوات كما فتحت لصلاة الجمعة والأخذ بالإجراءات الوقائية الطبية، ولا ننسى ان الله غفور رحيم مجيب الدعاء، يجب أن يسمع صوت عبده بالدعاء، وقال  صلى الله عليه وسلم «الدعاء هو العبادة».