بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 آب 2023 12:00ص مع كثرة جرائم الاعتداء والتحرّش.. الشيخ مزوق: على الدولة مسؤولية كبيرة بإنزال أشدّ العقوبات على المجرمين وإلّا شاع الفساد وعمّ أكثر

الشيخ وسيم مزوق الشيخ وسيم مزوق
حجم الخط
كثُرت في الآونة الأخيرة حالات التحرّش الجنسي وحالات الاغتصاب وربما من أقرب المقرّبين للضحايا، وهي قضية إجرامية لا تخطر على بال إنسان، فكيف لعقل أن يتصوّر أنه ممكن للأهل والأقارب أن يتجاوزوا حدودهم ويتعدّوا حدود الله.. فيرتكبوا تلك الجرائم البشعة..
والأمر الذي يُدعى للاستغراب أن أكثر المتحرّشين جنسياً هم من كبار السن فبدلاً أن يكونوا قدوة خير وإصلاح للمجتمع أصبحوا مصدراً للمساوئ الأخلاقية..
فبتنا يومياً نسمع حكاية من هنا وحكاية من هناك، أب يتحرش بإبنته... جد يغتصب ابنة أخته... وبدلاً من أن يكون الإنسان حاميا لعرضه نرى بعضهم ينتهكها..؟!
أَلَهذه الدرجة وصلت الأخلاق وممّن.. من أقرب المقرّبين؟!..
إنها أمور تجعلك تسأل باستغراب كيف لضمير إنسان أن يفعل هذا الفعل البشع مع محارمه..؟!
أسئلة عديدة ومتنوعة دارت في رؤوسنا وتوجهنا بها إلى رئيس دائرة الفتاوى في دار الفتوى الشيخ وسيم مزوق وتحدثنا عن العوامل المشجّعة لتلك الأعمال الرذيلة وكيفية معالجتها في هذا الحوار:

غياب الإيمان

 { نسمع يومياً عن حالات اعتداء واغتصاب منتشرة في المجتمع، ما هو برأيك الأسباب؟
- من علامات الساعة وانتهاء هذه الدنيا الفانية البالية انتشار الفاحشة في المجتمعات على أنواعها من الزنا والشذوذ والسحاق والاغتصاب والتحرّش على أنواعه والعياذ بالله، وهنا لا بد من مسؤولية لأن الله عزّ وجلّ سيسأل العباد، قال سبحانه {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْؤولُونَ}. وما نسمعه ونشاهده عبر القنوات الأرضية والفضائية أثناء نشرات الأخبار من حالات اغتصاب وتحرّش خاصة بالأطفال الصغار من ذكور وإناث تقشعر له الأبدان، وإذا نظرنا إلى الفاعل نراه متقدماً في السن وليس شاباً وسبب ذلك يعود أولاً إلى عدم الإيمان والخوف من الله عند هؤلاء لأنهم لو كانوا يخافون الله ويخافون العذاب في الآخرة لما وقعوا بهذه الكبيرة من الكبائر.
ثانياً: ومن الأسباب أيضاً اتباع الشهوات حيث يصبح البعض أسيراً لشهوته فيتعطّل عقله ودماغه وتفكيره فلا يفكّر إلّا بشهوته.
ثالثاً: ومن الأسباب أيضاً العقد النفسية التي قد تكون موجودة عند هؤلاء، ففي بعض الحالات ربما يكون هذا الفاعل قد افتعل به وهو صغير فيصبح أسيراً لهذه العقد النفسية وهذا ليس تبريراً لهم بل نحن نشخّص ذلك لنعالج هذه الأسباب. وبالتالي نقول لهؤلاء اتقوا الله وإذا وقعتم ضحية من قبل أشخاص لا يرجون لقاء الله فلا تكونوا كهؤلاء بل عالجوا أنفسكم والتجأوا أولاً إلى الله سبحانه وتعالى بأن يجعل لكم فرجاً لما أنتم فيه ثم خذوا بالأسباب، والآن وللّه الحمد قد تقدّم العلم ويوجد أطباء ومعالجون من أهل الاختصاص في الأمور النفسية والأسرية وللحالات التي ذكرناها، فيلجأ الإنسان إلى هذه الأسباب مع يقينه على الله بأنه هو الذي يهدي عباده ويعافيهم ويشفيهم سواء من الأمراض النفسية أو الأمراض القلبية.

دور الأهل

{ ما هو دور الأهل في التوجيه من مغبة الوقوع في هذه الفواحش؟
- يجب على الأهل جميعاً أن يستنفروا في تحصين أبنائهم وذلك بأن يعلّموهم أمور دينهم من التحصين بأذكار الصباح والمساء وتعليمهم الصلاة وبالدعاء للّه، لأن هذه الأمور في كل المصائب والشرور الذي يشهده المجتمع، ولا يتهاون أحد بالدعاء لأنه سلاح إيماني يصل العبد بربه {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.
وأضاف: وعلى الأهل أن لا يتركوا أولادهم وحدهم في الطرقات لأننا نسمع كل فترة بأن أناساً يستدرجون الأطفال إلى محلاتهم التجارية ويفتعلون بهم الأفعال الرذيلة.

دور الدعاة

{ ما هو دور الدعاة التوجيهي في هذا الموضوع؟
- نقول لكل داعية ولكل خطيب وعالم لا تنسى أن توجّه الناس في خطبك وفي دروسك وفي دعوتك إلى الله تعالى فيما يتعلق بهذا الموضوع، لأن العالِم عليه أن يكون مواكباً لما ينتشر في المجتمع وعليه أن يكون ابن بيئته وابن مجتمعه، فنحن في خطر عظيم إذا لم نكن يداً واحدة جميعاً سواء الأهل والدعاة الذين سيسألون عن علمهم يوم القيامة، فقد قال صلى الله عليه وسلم «لا تزول قدم عبداً حتى يسأل عن أربع..» منها عن علمه فيما عمل به، وقضية التحرّش لا يجوز لأحد أن يسكت عنها بحجّة الخجل لأنه أمر جنسي وفيه فضيحة فليتكلم عن هذا الموضوع بطريقة علمية فقهية فيها الحكمة والموضوعية للتحذير من ذلك وليس للتشجيع عليه من باب إلقاء الضوء عليه لاجتنابه بسبب خطره.

دور الدولة والمجتمع

{ برأيك هل للدولة دور في لجم هكذا أمور؟
- أما الدولة فعليها مسؤولية كبيرة بأن تنزل أشدّ العقوبات على كل من ثبت عليه هذه الجريمة لأننا إذا تهاونّا في العقوبة أو إذا غض البصر عن ذلك وتم تشغيل الواسطات كما يحصل في بعض الحالات لا نستطيع القضاء على هذه الظاهرة الشنيعة التي يجرّمها القانون وتجرّمها الشرائع وتجرّمها الأخلاق ليكون عبرة للاخرين.
{ هل لك أن تحدثنا عما لوسائل التواصل الاجتماعي آثاراً سلبية على ذلك؟
- علينا أن لا ننسى خطر الشبكة العنكبوتية أي النت ووسائل التواصل الاجتماعي بجميع أشكالها، التي تمرر أفلاماً إباحية بواسطة الرسوم المتحركة المتعلقة بالأطفال فتدخل هذه الصور وهذه الفاحشة إلى أذهان وإلى عقل الأطفال بشكل خبيث لأنهم يريدون أن يعوّدوا الأطفال على هذه الفاحشة بأنها شيء طبيعي ومن الحريات، فعندما يمرر مشهد تقبيل الصبي الذكر للصبي الذكر في «فمه» وغيرها من الأمور وأيضاً بالنسبة للفتيات فبذلك يدخلون الرذيلة إلى أذهان الأطفال ويصوّرونها بأنها فضيلة وانها انفتاح وان الأطفال عليهم أن يختاروا ما يشاؤون، بل وصل الأمر إلى أن الطفل هو يختار ماذا يريد أن يكون هل ذكر أو أنثى تشجيعاً على أمر قد أخبرنا الله عنه في القرآن على لسان إبليس حيث قال {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}، ولذلك قال ربنا {لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} ووصفه بأنه عدو مبين، فإذا انتشرت هذه الأفكار الشاذة وانتشرت الأفلام والصور الإباحية منذ الصغر إلى كافة المراحل وهي متوجهة إلى الأطفال والشباب والشابات ولا توجد مراقبة من الأهل ولا من الدولة فالطوفان سيعمّ الجميع لأننا إذا لم نأمر بالمعروف ولم ننهِ عن المنكر واستسلمنا للأمر الواقع فإننا نقع في وعيد النبي صلى الله عليه وسلم  القائل «لا تأمرون بالمعروف ولا تنهون عن المنكر يسلّط الله عليكم عقاباً من عنده...».
وفي الختام نسأل الله تعالى أن يحفظ وطننا لبنان وسائر الأوطان والبلاد في كل العالم وخاصة المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن لأن الأمراض وعدم البركة في المال والصحة والولد كل ذلك يعود إلى انتشار الفاحشة في المجتمع، فقد قال صلى الله عليه وسلم «يا مَعْشَرَ المهاجرينَ! خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ: لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ؛ حتى يُعْلِنُوا بها؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم».