بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تموز 2023 12:00ص مفتي راشيا الشيخ د. وفيق حجازي يؤكّد لــ "اللواء الإسلامي" : انتشار الجرائم المتصاعدة مع الأزمة الاقتصادية والسياسية عامل خراب ونذير شؤم

المفتي الشيخ د. وفيق حجازي المفتي الشيخ د. وفيق حجازي
حجم الخط
«إن مما يؤسى له انتشار الجرائم في هذا الوطن وتنقّلها من منطقة لأخرى، وتكمن خطورة الأمر في الاستهتار بحقوق الناس والاعتداء على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم بل وهذا يدلُّ على انتهاك لضروريات الحياة ومقاصد التشريع، وفيه خلل مجتمعي وتوعوي وضعف ديني كذلك، وفيه كذلك دليل على العقوبة من الله تعالى».
بهذه الكلمات بدأ مفتي راشيا الشيخ د. وفيق حجازي كلامه عن حالات القتل التي كثُرت أحداثها في الآونة الأخيرة، رافعا الصوت إلى ضرورة التصدّي لمثل هذا الأفعال بكل السبل الممكنة خاصة من قبل الدولة ودورها لردع المجرمين ومنعهم ومعاقبة كل من يخرج عن الإطار القانوني للمجتمع.

نذير شؤم

{ كثُرت في الآونة الأخيرة جرائم القتل في بلادنا مما جعل سفك الدماء سهلا على عدد من الناس، فما هو برأيك السبب؟
- إن انتشار الجرائم بهذه الوتيرة المتصاعدة مع الأزمة الاقتصادية والسياسية المترنحة يعتبر عامل خراب ونذير شؤم ومكمن خطورة وعنوان ضياع لقِيَم المجتمع وسلامة أهله، وإن الإسلام حرص على الإنسان وحافظ عليه، وحذّر تمام التحذير من الاعتداء عليه بغير حق، واعتبر أن من أهم الأسباب لانتشار هذه الجرائم هو الإعراض عن دين الله تعالى وقد حذّر القرآن منها بقوله تعالى: {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}.
ولا يخفى أن للإعلام دورا كبيرا في مواجهة هذه الجرائم بلسان الكلمة والصورة كما بتقصيره ربما يسهم في العمل للقيام بهذه الجرائم، ومن هنا يلزم على الإعلام في لبنان الحكمة في التعاطي مع طرح هذه القضايا حتى لا يسهم بقصد أو بغير قصد بالترويج لهذه الجرائم لأنه لا يطرح الحلول بل يذكر الإشكاليات فقط وهذا يشجع ضعاف النفوس للقيام بهذه الجرائم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «كل المسلم على المسلم حرام دمه، وماله وعرضه»، والله يقول: {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}، ولا يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً، ويقول عليه الصلاة والسلام: ما نقص قوم المكيال والميزان إلّا أخذوا بالسنين وجور السلطان ونقص المؤونة، وما نقض قوم عهد الله وميثاقه إلّا سلّط عليهم عدواً من سواهم فأخذ بعض ما في أيديهم، وما منع قوم زكاة أموالهم إلّا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، وما ظهرت الفاحشة في قوم فأعلنوا بها إلّا ظهرت فيهم الأمراض التي لم تكن فيمن مضوا من أسلافهم، وما حكم قوم بغير ما أنزل الله إلّا جعل الله بأسهم بينهم.

دور الدولة

{ وما دور الدولة في هذه الحالة؟
- دور الدولة أساسي في مواجهة هذه الجرائم المتنقلة والتي أصابت بشررها الأطفال كذلك حتى في دور الحضانة فضلا عن ترويج المخدرات في المدارس والجامعات وقتل الأبرياء وسرقة ممتلكاتهم وانتهك الأعراض، فالدولة مسؤولة عن مواجهة كل هذه الجرائم، وهي راعية كذلك للمواطنين والمقيمين على أرضها، والمسؤول مؤتمن وإلّا كان مقصّرا ومتسببا في تقصيره في مرحلة ما بل ومتسببا بالتشجيع على الجريمة، ومن هنا على الدولة أن تأخذ على يد المجرمين وتحقق العدالة دون استنسابية، ولا تغطي مجرما ولا تسمح بالتعمية عليه بل تقضي على الجريمة وتلجم مروّجيها وتعاقب فاعليها، وإلّا تسيّب الأمن خاصة عندما يشعر المجرم بحماية ومحسوبية من هنا وهناك، باعتبار أن هنالك من يحميه أو يخرجه من دائرة العقاب، وهذه جريمة أخرى كذلك، ومن هنا دور الدولة بأجهزتها الأمنية والقضائية والسياسية محوري وأساسي وهي تستطيع أن تضبط الأمن وتردع المخلّين وتعاقبهم وتسدّ الأبواب لكل متصيّد ومترصّد وطامع وطامح أن يأخذ ما ليس له فيه من حق، لكننا نأسف نرى أن هنالك خللا في التعامل بعدالة مع قضايا الناس فهنالك من يسجن دون جرم وهناك من يحمى وقد تأكد جرمه وهذه جريمة بحد ذاتها، فحماية الإنسان في الوطن حماية للوطن كله وقد شاهدنا مجريات الانتهاك للأطفال وأذيتهم وضربهم وربما قتلهم فضلا عن الانتهاك الجسدي لهم وهذا مخيف وخاصة ممن يظن بهم حاميتهم حضانة، فهذا التصرف الإجرامي يستوجب إنزال أشدّ العقوبات بمن قام بذلك وللأسف هذا ما ظهر للعيان وما خفي كان أعظم.

وللدعاة دور كبير

{ وماذا عن الدور التوعوي للدعاة، أليس عليهم الدور الكبير أيضا؟
- لكن الدعاة عليهم دور كبير في التوعية والتوجيه لأن هذا من أساسيات عمل الداعية وثوابت الدعوة إلى الله تعالى ومنها إنكار المنكر ولزوم تغييره كل بحسب مسؤوليته وسلطته ومكانته، وهذا يتطلب أن يكون في منابر الجمعة كما في مجالس العلم التحذير الشديد من الجرائم والمجرمين وبيان أحكام الله تعالى فيها وتخويفهم من غضب وعقاب الله، فالأخذ على يد المجرم ومنعه من جريمته أمر مهم وأساسي ومن يمنعه ينجو بنفيه من مجتمعه، والناس في المجتمع كمن هم في سفينة في بحر متلاطم أمواجه وهنالك راكب فيها يريد أن يخرق السفينة لتغرق بأهلها ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم : مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فكان بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم، وقالوا: لو أنَّا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا. فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً.