أكد مفتي زحلة والبقاع الدكتور الشيخ علي الغزّاوي إن الواجب على كل حاج أن يكون على استعداد روحي وفكري وقلبي قبل الذهاب إلى الديار المقدّسة لأداء فريضة الحج، مشيرا إلى إن من الخطأ أن يكون جسد الحاج قد ذهب الى ذلك المكان دون أن يعيش مع ذلك المكان روحا وعقلا وشعورا.
وأشار في لقاء مع «اللواء الإسلامي» إلى أهمية تعلّم العبادة قبل السفر، حتى لا تتحوّل الرحلة إلى ما يشبه الرحلة السياحية.
كما شكر المفتي غزاوي المملكة العربية السعودية بقيادتها وحكومتها وشعبها ما تقدّمه لضيوف الرحمن من خدمات تجعل حجّهم آمناً وميسّراً..
وفيما يلي نص الحوار:
الحج رحلة العمر
{ بمناسبة اقتراب موسم الحج كلمة لتفسير معنى الحج؟
- شاء الله تعالى أن تكون العبادات منها ما هو بدني ومنها ما هو مالي ومنها ما جمع الاثنين معا، فعندنا عبادة البدن وهي الصلاة والصوم، وعندنا عبادة المال وهي الزكاة، وعندنا عبادة جمعت ما بين البدن والمال ألا هي عبادة الحج، وعندنا أيضا عبادة يومية وعبادة اسبوعية وعبادة سنوية وعبادة العمر، فعبادة اليوم هي الصلاة الخمس وعبادة الاسبوع هي صلاة الجمعة وعبادة السنة هي الزكاة وصوم رمضان وعبادة العمر هي الحج الى بيت الله تعالى.
والحج إذا ما نظرنا إليه بنظرة عبادة لا شك بانه استجمع القول مع البدن مع المال وان نظرت إليه نظرة اجتماعية ترى هذا المكان الذي شاء الله تعالى أن يستجيب لنداء سيدنا إبراهيم من كل الأرض من آمن بالله سبحانه وتعالى واستجاب لذلك النداء عندما قال الله سبحانه وتعالى {واذّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق}، وعندما ننظر الى البيت صحيح ان الذي بنى البيت هو سيدنا إبراهيم لكن مشروع ركنين من أركان الاسلام هما اللذان بنيا هذا المشروع، ان ركن الحج وركن الصلاة هما اللذان أبقيا مشروع بناء البيت والحج هو القسم المعظّم.
والحج بالمعنى الشرعي أقوال وأفعال مخصوصة في أزمنة وأماكن مخصوصة، ولماذا كان الحج في أزمنة وأمكنة مخصوصة لتلك الأفعال..؟! لتخرج بعض العبادات عن هذا التعريف، فمثلا العمرة بقصد البيت من خلالها ولكن ليس لها زمن محدد، هناك عبادات يقوم بها الإنسان في أي زمان أو مكان، أما الحج فله مكان مخصوص وبالتالي لا يتم حجه إلا على جبل عرفة وهو ركن الحج الأعظم، وكذلك واجبات أخرى كالرمي والطواف والسعي بين الصفا والمروة، هذه العبادة إذ كانت عبادة استثنائية عن بقية العبادات ونحن بين يدي هذه العبادات لا بد أن نستشعر عظمة الإسلام عندما جعل المسلمين يتجهون الى هذا البيت في كل يوم بعبادة الصلاة ويتجهون الى البيت في العمر من خلال عبادة الحج.
ونحن بين يدي هذا الموسم لا بد أن نحرك القلوب نحو ذلك البيت ولا بد أن نرسل رسالة لكل من اجتمع عند البيت ان القضية ليست قضية عبادة فقط إنما هي قضية عبادة، اجتماع ورسالة.
رسالتي إلى كل حاج
{ ما هي رسالتكم للحجاج الذين ينوون التوجه الى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج؟
- بداية أقول لكل حاج أنت الآن تلبّي وكم من تلبية كان ينبغي أن تسبق هذه التلبية، أن تلبّي نداء الله تعالى عندما نداك، أن تأكل حلالا وأن تعيش حلالا، وإذا ما كان هناك نوع من الخطايا فعليك أن تستبشر وتتأمل بأن الله يغفر الذنوب لكل من وقف في عرفات، وإذا كان هناك حقوق للعباد عليك فأدّها، وعليك أن تحج بروحك قبل جسدك فكن على استعداد روحي وفكري وقلبي ولا تجعل جسدك يذهب الى ذلك المكان دون أن تعيش مع ذلك المكان روحا وعقلا وشعورا وهناك من خلال بعض الأفعال في الحج التي تجعلك بقيمة الدنيا، حقيقتا ستلبس ثوبا لستر العورة أشبه ما يكون بالكفن وستعلم ان الدنيا التي تملكها فانية وراحلة عنك كما سيأتي يوم سنرحل نحن عنها.
{ وما أهمية أن يتعلم الحاج العبادة قبل سفره؟
- قال العلماء كل ما توجهت الحاجة إليه فالعلم به فريضة بمعنى انك إذا توجهت الى المعاملات واجب عليك أن تتعلم الصوم والصلاة وأحكامهما، وكذلك الأمر بالنسبة لأحكام الحج، لا بد أن نتعلمها قبل أن نذهب، وأنصح كل من يريد أن يذهب مع أهل العلم أن يختار بينهم ما يظن به الصلاح والتقوى حتى يكونوا آخذين بيده لملء الوقت بالعبادة ولا ليكون فقط آخذا بيده ليزور ثم يعود.
{ وماذا عن أصحاب الحملات الذين يتعاملون مع الحج كأنه مشروع تجاري بامتياز؟
- من حق صاحب الحملة أن ينتفع ولكن هذا الحاج وضع أحماله ونفسه أمانة عنده، فمنهم من حج من قبل ومنهم من لم يحج بعد، وبالتالي اغتنموا وقته وكونوا خدما له، لا بأس في الاستفادة من ماله وأنتم تجعلون ذلك بابا من باب الارتزاق ولا مشكلة في ذلك ولكن اعطه حقه من ذلك.
ألف تحية للمملكة
{ ما هي الرسالة التي ترغبون بإرسالها الى المملكة العربية السعودية التي تبذل قصارى جهدها في خدمة ضيوف الرحمن؟
- كل الشكر للمملكة، ملكا وولي عهد ووزراء وقادة وأمنيين وعسكر وخدم لبيوت الله، فمن زار ذلك المكان يعلم قيمة عمل المملكة وهذا العمل التراكمي الذي بدأه الأجداد وورثه الأحفاد، هذا العمل لا يمكن أن يقوم به أهل الأرض جمعا دون هؤلاء الذين ورثوا خدمة حجيج بيت الله، لذلك لما ورثوا هذا الأمر استحقوا أن يكونوا مكرمين من البلاد والعباد، فكل الكرامة لهم والشكر لهم على خدمة بيت الله وعلى خدمة حجيجه، وما أجمل ذلك اللقب الذي تورثه ملوك المملكة تحت عنوان خادم الحرمين الشريفين، أظن انها رفعة لا يمكن أن يصل الانسان إليها مهما كان له ألقاب في الدنيا بأن يلقّب بمثل هذا اللقب وأن يكون خادما للحرمين الشريفين.
وأيضا كلمة أخيرة أتوجه من خلالها بالشكر لجريدة «اللواء» وعلى رأسها الأستاذ صلاح سلام والعاملين فيها حتى تبقى هذه اللقاءات العلمية والفكرية ومن خلالها نطلّ على أهلنا، كما يصنع أهلنا الحرف سنبقى محافظين على قراءته من خلال جريدة «اللواء» وأمثالها.