بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 كانون الثاني 2024 12:00ص من أخلاق الإسلام في الحرب والسلام

حجم الخط
ما يجري في أرض غزة أرض الرباط من انتهاك صهيوني على الأطفال والنساء كما المنازل أمر يُعدّ في القانون الدولي جرائم حرب وإبادة جماعية وضد الإنسانية، وفي ظل الصمت الدولي الرسمي إن لم يكن المشاركة الفعلية بالحرب دعما لإسرائيل بالعتاد أو بالجنود، ووقوف المنظمات الدولية عاجزة عن الحراك للجم الصهاينة بسبب وقوف الدول الكبرى مع إسرائيل على حساب أصحاب الأرض والقضية، ومما يعجب له وقوف الدول الكبرى داعمة للمحتل والمنظمات الدولية عاجزة عن إيجاد الحل، وبعد أكثر من ثلاثة أشهر والحرب مستعرّة كأنه يراد الإبادة لهذه المدينة المرابطة الصابرة، ثم يلحظ ان الصهاينة خرقوا كل ناموس وخرجوا على كل قانون وانتهكوا كل مبدأ من مبادئ الإنسانية.
وليس الأمر عنهم بغريب فهذا طبعهم وهم قتلة الأنبياء ووصل الامر بهم إلى سرقة الأعضاء البشرية من الشهداء والتدمير الممنهج للمباني السكنية على رؤوس الأبرياء، وهذا كله يعتبر جريمة متعددة الجوانب.

دين القِيَم في سلمه وحربه

لكنه وبالمقابل نلحظ أن الإسلام دين القِيَم في كل أحواله وأحيانه في سلمه وحربه وضع قانونا للحرب نموذجا فريدا ومميّزا ورائعا وراقيا في تشريعه وآثاره، بحيث لا يعتدى على غير المحارب ولا يجهز على المحراب الجريح ولا يمثل به أو يهدم منزله أو تسرق أعضاؤه، فمن قِيَم الإسلام في الحرب عدم التعرّض للمدنيين غير المشاركين في الحرب.
والله تعالى يقول {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} والنبي محمد عليه الصلاة والسلام يقول: «لا تقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلاً ولا صغيراً ولا امرأة، ولا تغلوا، وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين»، بل وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن امرأة وجدت في بعض المعارك مقتولة، فأنكر ذلك ونهى عن قتل المدبر، والإجهاز على الجريج، ففي الحديث الشريف: «ألا لا يقتل مدبر ولا يجهز على جريح، ومن أغلق بابه فهو آمن»، كما نهى عن الغدر والمثلة أي تشويه الجثث وسرقة الأعضاء البشرية، ففي الحديث النبوي الشريف «ولا تغلوا ولا تمثِّلوا، ولا تقتلوا وليداً»، كما ورد: «ولا تقتلوا كبيراً هرماً، ولا امرأة، ولا وليداً، ولا تخربوا عمراناً، ولا تقطعوا شجرة إلّا لنفع، ولا تعقرن بهيمة إلّا لنفع، ولا تحرقن نخلًا ولا تغرقنه، ولا تغدر، ولا تمثّل، ولا تجبن، ولا تغلل».
حتى ورد كذلك إكرام الأسير والله تعالى يقول: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً}، بل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم  أصحابه يوم بدر أن يُكرموا الأُسَارى، فكانوا يُقَدِّمُونهم على أنفسهم عند الغداء، ونهى الإسلام عن قطع الطرق وتضييق ففي الحديث: «مَنْ ضَيَّقَ مَنْزِلاً أَوْ قَطَعَ طَرِيقاً فَلَا جِهَادَ لَهُ».
وقد أَوْلَتْ الشريعة الإسلامية دور العبادة احتراماً كبيراً واهتماماً بالغاً، فحرَّم الإسلام التعرّض لدور عبادة غير المسلمين في السلم أو الحرب، ولا يعرف في التاريخ الإسلامي أنَّ مسلماً هدم كنيسة أو اعتدى على أهلها، بل على العكس من ذلك فقد أعطى الفاروق عمر لأهل فلسطين من غير المسلمين أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبهم وسقيمهم وبريئهم وسائر ملّتهم أنه لا تسكن كنائسهم، ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيزها ولا مللها ولا من صلبهم ولا من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم.
فاستهداف المساجد ودور العبادة يعدُّ في نظر الشريعة الإسلامية جريمة حرب مخالفة للشرائع كافة، ومخالفة لتعاليم الإسلام السمحة.
والأخلاق في الإسلام، في سلمه وحربه، نموذج فريد ومتميّز خاصة ونحن نعيش أجواء الجرائم الصهيونية على أهل غزة والتي دمّرت أكثر منازلها وقتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والكهول فهذا يستدعي المحاكمة العادلة والعاجلة للصهاينة ومن دعمهم والتاريخ سيحكم عليهم كذلك والمخاصمة بين يدي الله تعالى.

واجب الأمّة في مساندة أهل غزة

وعلى الأمة أن تقف موقفا يلجم آلة الحرب الصهيونية ضد أهل غزة، وأن يعطوا حقهم المشروع في إقامة دولتهم على أرض فلسطين ليعود الصهاينة إلى بلادهم التي وفدوا منها.
ومن هنا فإن حسن المعاملة في الحرب، والرحمة بالنساء والأطفال والشيوخ، والتسامح مع المغلوبين، قيمة من قِيَم الإسلام، والسلم هو الأصل في الإسلام، والحرب إنما شُرّعت لأسباب وأهداف محددة، لكنها بقيود وبقانون مضبوطة بالأخلاق والله تعالى يقول {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}.
وواجبنا نحو غزة وأهلها كما فلسطين أن ننصر قضيتها، ففي الحديث الشريف «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلّمه ولا يخذله ولا يحقّره، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته».