بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 تموز 2020 12:00ص يدفعون الناس إلى التطرّف.. ثم يستنكرون؟!

حجم الخط
مباشرة ودون أي مقدمة منمّقة أو تميهد مزركش أسأل... 

ماذا يعني أن يعيش إنسان بلا راتب.. بلا طبابة.. بلا استقرار.. بلا تعليم.. بلا عمل.. بلا قانون.. وبلا توجيه... بلا حماية أمنية واقتصادية واجتماعية وأيضا بلا شعور بالانتماء والأمان..؟!

وماذا يعني - وهنا الكارثة - أن يطالب هذا الإنسان - بعد كل هذه الفواحش - بأن يكون سويّا وملتزما وسائرا على الصراط المستقيم...؟!

إنه يعني - وبكل صراحة - انتشار مرض «الحَوَل» الفكري في مجتمعنا حتى بات عالة على المجتمعات البشرية...

والمضحك - المبكي أننا نأتي بعد ذلك إلى هذا المجتمع بمختلف أفراده فنقول له بكل «جرأة» (إياك أن تكون منحرفا أو متطرفا أو مضطربا أو غضوبا؟!).. لنسطّـّر بذلك «أغلظ نكتة» عرفها التاريخ..؟!

لبنان أيها السادة - بمسلميه ومسيحييه - بات قاب قوسين أو أدنى من تشريع الإنحراف والتطرف، والسبب هو أننا بدلا من أن نداوي المريض زدنا من آلامه ومعاناته ثم طالبنه بعدم الأنين..؟!

فالشباب العاطل يحترق بنار الفتن المحيطة به من كل جانب ولا يجد ساترا له سوى لباس الطائفية والمذهبية الذي يحميه ولو بطريقة خاطئة..؟!

وكثير من الأهل يكتوون بحريق الغلاء والبلاء.. وبالضغوطات المعيشية، وبتلاعب الفجّار بأسعار الدولار.. ولا طريق للتخفيف عن أنفسهم سوى التزام «الإكراميات» و«تمشية الحال» في وظائفهم وأعمالهم..؟!

أما الشارع بسلوكياته وتصرفاته وفلتانه فأشبه بـ «سيرك قومي» فيه كل أنواع الخداع البصري والسمعي ومختلف الألعاب البهلوانية...؟!

والكل مشارك... والأصح أن نقول الكل مضطر للمشاركة، لأن من يأبى الاشتراك فطريقه أن «يحيا ميتا» إلى أن يموت...؟!

نعم... نحن اليوم في «لا مجتمع» مائل منحرف وفاسد، قاب قوسين أو أدنى من أن يصل إلى مرحلة الإنبطاح القيمي والأخلاقي والوطني... ولذا نحن نسير بسرعة كبيرة نحو هدم المعبد على رؤوسنا جميعا..

ماذا تنتظرون من مجتمع يتنفس الطائفية والمذهبية، ويتغذّى الفاسدون فيه على لحوم البعض الآخر...؟!

وماذا ستحصدون من شعب لم يتعلّم عبر سنوات طويلة إلا لغة التكفير والتخوين ولم يأكل إلا الظلم والقهر والفساد المشرعن..؟!

كفاكم «تبجّحاً» بالشعارات الرنّـّانة التي «طوشت» آذاننا وقضينا العمر نبحث عن دليل على صدقها فلم نجد...؟!

فلبنان يا كل «لا مسؤول» في بلادنا لم يعد أخضر.. وبيروت لم تعد سويسرا الشرق.. بل حتى «مرقد العنزة» الذي تحدثتم عنه أصبح صحراء قاحلة فهربت منه العنزة نفسها...؟!

مجتمعنا اليوم مجتمع فقير.. محتاج.. منهار.. جائع... فاسد وظالم.. يتلاعب بأمنه الاجتماعي ولا أحد يسأل أو يعمل..؟!

هو مجتمع «المحاصصة الفتنوية» والجوع والجهل والأمراض والتفلّت..

نعم.. لقد فزنا نحن اللبنانيين بالمرتبة الأولى في طرد كل أمل من نفوس أبنائنا ومن أوطاننا... وكتبنا أسماءنا - بفضل جهلنا - في لائحة الثابتين على موقفهم... «المخزي والمتخاذل»..؟!

لقد أصبحنا الأوائل في تشويه صورة كل جميل..

وأصبحنا السبّاقين في الإساءة إلى إنسانية الإنسان..

وأصبحنا أيضا المتفوّقين في «سوداوية» الحاضر..

أما عمل «الغد» والاستعدادات له، فليس في قاموسنا اللبناني تعريف واضح له..؟!

فكيف تريد يا كل «لا مسؤول» أن يجوع الناس.. ثم لا يخرجون إلى الشارع...

كيف تريدهم يعانون من الفقر والجهل، والحاجة والمرض، والعوز و«التقنين»، ونقص الغذاء والدواء، وانتشار الغلاء، وسيطرة الجهلاء، ثم تستنكر خروجهم وغضبهم...؟!

ولكن هل يأتي هذا الكلام تشاؤما أو إحباطا..!؟

بألف تأكيد.. لا، بل نحن نقوله من باب التفاؤل لأن إيماننا بالله مبني على قوله تعالى {الذين إن مكّناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر}، وبالتالي من لم يستوفِ شروط التمكين زائل لا محالة...

فيقيننا بالله تعالى كبير من أن الأجيال القادمة ستقوم بواجبها الإصلاحي وستعيد إلى المجتمع «صفاته الإنسانية»... مهما منعه «الإبليسيون» أو حاربه «المستفيدون»...




bahaasalam@yahoo.com