بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 شباط 2021 11:49ص إذا رأيت المصرفي يقفز من النافذة إلحق به!! Voltaire

حجم الخط
... هذه العبارة للكاتب الفرنسي قالها عندما كان يستشير المصرفيين ويربح في المضاربات المالية قبل العام ١٧٢٠ وندم عليها عندما «طارت» الأموال التي استثمرها في مشروع Mississipi في مستعمرة فرنسية في الولايات المتحدة أشرف عليه مصرف أسسه في باريس «المراقب العام المالي» John Law في عهد Duke d`Orliens وأدّى انهياره الى عمليات انتحار ووفيات قلبية لآلاف المستثمرين الفرنسيين ما هزّ الثقة العامة بالتعامل المصرفي بعمليات الأسهم في السوق المالية الى درجة لم يشف منها المواطن الفرنسي إلا بعد حوالي ٨٠ عاما عندما أعاد نابوليون تنظيم السوق المالية وانشأ «بورصة باريس» والبنك المركزي (بنك فرنسا) و«محكمة الحسابات» التي هي الى اليوم واحدة من أهم هيئات التدقيق والرقابة في فرنسا.
وفي لبنان ومنذ أن أدّى قانون سرية المصارف ١٩٥٦ الذي أعدّه العميد ريمون اده ووقّعه الرئيس كميل شمعون، الى جعل لبنان «مصرف العرب» وحصن أمان واطمئنان لودائعهم ومدخراتهم، واللبنانيون والعرب عموما، على ثقة كبيرة بقوة ومتانة وملاءة مصارف لبنان على مدى سنوات الخمسينيات، ولغاية منتصف الستينيات عندما انفجرت «أزمة بنك انترا» في الفصل الثالث من العام ١٩٦٦ (الشبيهة في بعض حيثياتها بأزمة Mississippi المصرفية الفرنسية) بما زعزع الثقة بالمصارف اللبنانية الى حين استعادتها باجراءات البنك المركزي الذي كان قد تأسس خلال الستينيات في عهد الرئيس فؤاد شهاب وبتشريعات خلال السبعينيات في عهد الرئيس شارل حلو، ودون أن تتأثر هذه الثقة حتى خلال حرب الـ١٥ عاما وبعدها مع تدفق الودائع والاستثمارات وقروض ومساعدات الدول والمؤتمرات في عهد الرئيس رفيق الحريري، ورغم الاغتيالات وحرب ٢٠٠٦ وما تلاها من تداعيات.
والدليل انه في العام ٢٠٠٧ - ٢٠٠٨ انتقل حوالي ٢٤ مليار دولار من ودائع اللبنانيين في الخارج من جحيم أزمة ٢٠٠٨ المالية - المصرفية العالمية الى جنة مصارف لبنان واستمر دفق الودائع بمعدل ٧ و٨% سنويا وفائض ميزان المدفوعات لغاية نشوب الحرب السورية في العام ٢٠١١ التي حوّلته آثارها وتداعياتها من فائض الى عجز زادته حدة خفض الوكالات الدولية «فيتش» و«موديز» و«ستاندرد اند بور» التصنيف الائتماني للدولة اللبنانية بسبب تزايد احتمالات عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها بما أدّى الى هواجس بشان مصير الودائع ترافقت مع عقوبات وانذارات أميركية وتشنجات سياسية، مع مؤشرات سلبية من تراجع النمو وانخفاض الناتج الاجمالي وارتفاع عجز الموازنة وميزان المدفوعات والميزان التجاري وتزعزع سوق الصرف وانكماش اقتصادي واضطرابات أمنية واجتماعية وسط انتفاضة شعبية عارمة أجبرت الحكومة على الاستقالة وحرّكت هجمة شبه جماعية على المصارف لاستعادة الودائع التي كان جزء منها أخذ طريقا غير سالم الى دولة مغانم تقترض وتؤجل SWAP أو كما حصل فيما بعد، تمتنع عن الدفع. وجزء آخر منها في قروض الى قطاع خاص تتراجع قدرته على الإيفاء في ظل أزمات اقتصادية ومالية وسياسية مستعصية، بما غيّب شمس الثقة بقطاع مصرفي اهتز بنيانه وبات في حاجة الى إعادة هيكلة في بنية جديدة والى دعمه بـ «شحنات» من رساميل إضافية وإيداعات محلية وأجنبية وقروض ومساعدات دولية وعربية ما زالت حتى الآن موضع رهان..