بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 نيسان 2021 12:00ص حتى ولو تشكّلت.. أي إصلاحات؟

حجم الخط
قرار امتناع لبنان في آذار العام الماضي عن دفع «اليوروبوندز» لم يترافق معه اصلاحات تخفف من الصدمة التي أحدثها القرار على سمعة لبنان ماليا ومصرفيا ودرجة تصنيفه دوليا، فيما امتناع الأرجنتين في آذار من هذا العام عن دفع مستحقات عليها لصندوق النقد الدولي بـ٤٥ مليار دولار، ترافقت معه سلسلة اصلاحات تمكنت بها ليس فقط أن تطلب من الصندوق تأجيل دفع المستحقات لآجال تصل الى ٢٠ عاما، وإنما أن تطلب قرضا جديدا يعكف الصندوق الآن على دراسة إمكانية الموافقة عليه استنادا الى أهمية وإيجابية الاصلاحات التي قامت بها الأرجنتين والتي لم تحقق الدولة اللبنانية حتى واحدا منها، تاركة أحوالها على ما هي عليه من النهب والسلب والهدر والتبذير وسوء التدبير، ونفقات غير مجدية من رواتب وأجور غير منتجة وكهرباء مظلمة مقننة وفوائد عالية على مديونية تخطّت بالعملة المحلية الـ١٠٠ ألف مليار ليرة وبالعملة الأجنبية الـ٣٧ مليار دولار ٩٤% منها «يوروبوندز» والباقي قروض طويلة الآجال لمؤسسات دولية، إضافة الى ٥٥ مليار دولار فجوة نقدية في مصرف لبنان.

وأبرز اصلاحات الأرجنتين: تشريع الكابيتال كونترول واتفاق ملائم مع حاملي السندات المستحقة عليها، وتحسين سعر صرف العملة الوطنية الى معدل أعلى بنسبة ٥٠% من السعر الذي كانت بلغته في السوق السوداء، وخفض عجز الموازنة البالغ 8,5% من الناتج ولجم التضخم البالغ ٤٠% عبر الحد من طبع العملة، وزيادة القروض الزراعية والصناعية، ودعم السلع المعيشية الرئيسية عبر رفع الضرائب على الثروات الكبرى، وبما حقق سلاحا اصلاحيا تقول «الأكونوميست» ان الأرجنتين تمكنت به من وضع صندوق النقد الدولي بين احتمالين، اما أن تستمرالأرجنتين في الامتناع عن دفع المستحقات المتوجبة عليها للصندوق، أو أن تستأنف الدفع شرط موافقة الصندوق على قرض جديد يمكن الأرجنتين من تحقيق معدلات نمو عالية وبالتالي دفع ما عليها من مستحقات للصندوق ولباقي الدائنين المحليين والأجانب.

ولبنان؟ إلى أين؟

كل هذه الاصلاحات الأرجنتينية، يقابلها في لبنان عجز مزمن عن تحقيق أي اصلاحات والاستمرار في محاصصات من المشكوك فيه أن تتمكن من إيقافها أي حكومة جديدة لا تولد - إذا ولدت! - الا من محاصصات سياسية تحت سنابك الخيل الاقتصادية والمالية، حيث الارتفاع المتواصل في الدين العام الى ما يقارب الـ١٠٠ مليار دولار (مع مستحقات الضمان الاجتماعي والمقاولين والمتعهدين والمستشفيات والاستملاكات) إذا احتسب بالمقارنة مع عدد السكان (٥ ملايين نسمة) وناتج إجمالي (حسب صندوق النقد) ١٨ مليار دولار، لوصلت نسبة الدين العام للناتج أكثر من ٥٠٠%(!). وإذا أضيف إليه عجز وفوائد موازنة ٢٠٢١ وعجز وفوائد المستحقات الجانبية التي لا تدرج عادة في بيانات وزارات المال، لارتفعت النسبة حتى نهاية هذا العام الى ٦٠٠%(!!) هي الأعلى في العالم، بما لا ينفع معه عندها، حتى ولو بإصلاحات - في هكذا «لا نظام» - أي قروض دولية أو مساعدات وهبات عربية أو تحويلات اغترابية في ظل أزمات اقتصادية وجائحات وبائية عالمية.