بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 كانون الأول 2019 12:02ص طلب مفقود أو خجول في موسم الميلاد ورأس السنة وسط جفاف السيولة

«الشفافية الدولية»: الفساد زاد في لبنان عام 2019

حجم الخط
تعددت طرق الاحتفال بالميلاد بين المشاركة الروحية والعائلية دون الاقبال على المشتريات، أو الحرص على احياء المناسبة برموز لم تتعد انفاق ميزانية عادية فيما غابت الفئات الثرية والفئات الفقيرة معا: الأولى بسبب الحرص على عدم الظهور وسط جو عابق بالاحباط السياسي والاقتصادي، والثانية بسبب ضيق ذات اليد لدرجة عدم القدرة على تأمين الحاجات الأساسية فكيف بهدايا العيد الذي كان هناك شبه اجماع حتى في الأشرفية والحمرا وكورنيش المزرعة ومار الياس بأن العاصمة لم تشهد في أي مناسبة جمودا بهذا القدر الذي تشهده هذه الأيام. ليس فقط لأن المصارف قننت السحوبات الى حد لا يكفي نفقات المعيشة الغذائية للعائلة، فكيف بالاحتياط («المونة»)، وانما حتى لو توافر بعض المال، فسوف يكون الحرص عليه شديدا عملا بمبدأ «القرش الأبيض لليوم الأسود» وهو اليوم الذي في الظروف الصعبة الحاضرة بات طابع الحياة اليومية لأكثر من ثلث اللبنانيين الذين اذا لم تبدأ عملية الانقاذ مع الحكومة العتيدة (هذا إذا تألفت!) قد يزيد عددهم الى ٥٠% في «خانة الفقر» التي تعرفها مؤسسات الأبحاث بانها «فئة الذين لا يحصلون من الدخل على أكثر من ٢٢٥ دولار شهريا» (بسعر البنك وليس بسعر الصراف!) وقد يصل بعضهم اذا ازدادت الأمور سوءا، الى «خانة الجوع» التي هي، حسب مؤسسات الأبحاث «فئة الذين لا يزيد دخلهم اليومي عن ٢ دولار يوميا»!

للبيع.. ولا مشترين!

ومن المستهلكين الى أصحاب المحلات التي باتت عبارة «للبيع» أو «للاستثمار» أو «للايجار» تتصدر محلاتهم في حالة يأس من عدم وجود من يشتري او يستثمر وليس فقط بسبب النقص الشديد في السيولة، وانما حتى بالنسبة لمن بقي من المتمولين ممن يعتبر انه من غير المجدي اقتصاديا الاستثمار في وضع اقتصادي يسوده الركود وانخفاض الطلب الى الحد المعيشي الأدنى فكيف بالكمالي، أو فكيف وفرص الاستثمار بالفوائد هي الأعلى والأجدى والأفضل والأسهل، بدل الغرق في متاعب المشاريع والرواتب والأجور وأعباء الضمان ورسوم البلديات والضرائب التي بدلا من أن تخفض الدولة معدلاتها تشجيعا للاستثمار وتوفير فرص العمل وسط معدلات قياسية من البطالة زادت منها رغم الأزمة المستعصية التي لم يشهد لبنان مثيلا لها الا في أزمنة تاريخية غابرة في فترة «المتصرفية» أو في فترة «المجاعة الكبرى» زمن الحرب العالمية الأولى عندما أقفلت على البلد الطرق البحرية والبرية وعانى اللبنانيون النقص الشديد في المواد الغذائية اضافة الى القحط الداخلي، وحتى خلال الفترة الأخبرة من الانتداب الفرنسي عندما طبق «نظام الاعاشة» (الذي تشهد فنزويلا شبيها له اليوم بسبب الحصار الاقتصادي والسياسي). 

محنة اقتصادية

واذا كان لبنان لم يصل الى هذا الحد اليوم، فان التحذيرات من «محنة اقتصادية» تتوالى من وكالات أو مؤسسات أو صنايق دولية أو من هيئات لبنانية أومأت الى كوارث محتملة وصفها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بانها قد تتجه إلى «تفليسة» و»مجاعة» إذا لم تسارع الدولة الى الاصلاحات. فيما رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد اعتبر ان تراجع المشتريات 45% خلال موسم الأعياد هو مؤشر خطير «وأخشى الكارثة في كانون الثاني وشباط 2020» كما قال.

وفي غياب حلول الانقاذ، سواء بحكومة عتيدة أو مديدة، ليس لدى كل اللبنانيين من القناعة التي كانت لدى المهاتما غاندي عندما استغربوا منه كيف يستقل القطار في الدرجة الثالثة فأجاب لانه لم يجد درجة رابعة!! وانما البديل ربما عن هذه الحالة «الغاندية» اللبنانية المستجدة ليس بالطبع مسلسل الانتحار الذي شهدنا فصلا رابعا له قبل أيام في طرابلس، مع احتمال اضطراب الأمن والفوضى اذا لم يستعيد الناس بعض الدخل المفقود، وبعض القوة الشرائية المتدهورة، وبعض فرص العمل وفي اطار بيئة أفضل للاستثمار المحلي والعربي، وانما إذ أن تسارع الدولة الى تحديث النظامين الصحي والتعليمي ووقف الهدر والفساد والنفقات غير المجدية وتحويلها الى استثمارات مجدية سواء في البنية التحتية والطرق والكهرباء والمياه ووسائل الاتصالات والعمل على استعادة لبنان مركزه المالي والمصرفي والخدماتي والاقتصادي وعبر شراكة منصفة بيت القطاعين العام والخاص، وتسريع الاستفادة من الثروات النفطية والغازية في ورشة كبرى انتاجية صناعية وزراعية تحقق الحد الأدنى من الأمان الاقتصادي والأمن الاجتماعي. 

وبالعودة الى حكومة التكنوقراط العتيدة حيث محاربة الفساد هو أول الأولويات، حيث استفتاء لمؤسسة «الشفافية الدولية» TRANSPARANCY INTERNATIONAL (أورده تقرير لدائرة الدراسات في بنك بيبلوس) ان 69% من اللبنانيين الذين شملهم الاستفتاء 6600 شخص) يعتقدون ان الفساد في لبنان زاد خلال الـ12 شهراً الماضية، ان الفساد خلال تلك الفترة «على حاله» بقي مقابل 10% اعتبروا ان «الفساد تناقص» فيما اعتبر 87% ان الدولة اللبنانية فشلت في مكافحة الفساد مقابل 13% اعتبروا ان دور الدولة في هذا المجال «كان فعالا».

واعتبر 68% من الذي شملهم الاستفتاء ان النسبة الأكبر من مسؤولي الدولة متورطون في الفساد، و64% «غالبية النواب» و53% «جزء من القضاء» و47% قالوا انهم عرض عليهم مالا مقابل أصواتهم الانتخابية. وشمل الاستفتاء اضافة الى لبنان 6 دول عربية لجهة الدولة على مكافحة الفساد، وحل الأردن في الطليعة، وبعده على التوالي فلسطين وتونس والسودان ولبنان والمغرب.