بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 آذار 2020 12:03ص في غياب الحل لا تكفي صراحة العجز عن الدفع

حجم الخط
اتجاه الحكومة الى إعادة هيكلة الدين العام في غياب خطة انقاذية تفصيلية, يزيد في تراجع الثقة العامة بالدولة اللبنانية نقديا ومالياً واقتصاديا، وبحكومة لم يعرف أحد حتى الآن ما هي نظرتها وتوجهاتها وطبيعة الحلول التي سوف تطرحها للداخل والخارج؟ ولا هو معروف كيف ستكون إعادة الهيكلة أو الجدولة؟ والى أي مدى ستكون الاستحقاقات الجديدة؟ وكم هي قدرة الدولة على تسديد هذه الاستحقاقات في مواعيدها المحددة؟ ثم هل قدرت الحكومة كم سيستغرق الوقت الضروري لدراسة الخطة من قبل اللجان النيابية، ومناقشتها في مجلس النواب؟ وهل ستمرّ الخطة بسهولة في مجلس الوزراء لجهة قدرة الدولة والشعب على تحمّل الشروط التي قد يضعها الدائنون، أو صندوق النقد الدولي إذا حصل اللجوء إليه لطلب قروض وبأي ثمن، سواء لجهة رفع ضريبة القيمة المضافة أو إلغاء الدعم عن البنزين أو تقليص حجم القطاع العام؟

ثم أمام امتناع الدولة عن التسديد واللجوء الى الهيكلة أو الجدولة، ماذا سيكون وضع المصارف التي بعد أن ألحّت على الدولة أن تدفع لها قيمة السندات وعجزت الدولة عن الدفع، باعت المصارف بعض هذه السندات الى مؤسسات أجنبية، في عملية حرمت الدولة من قوتها في المفاوضات مع الدائنين الأجانب وزودتهم بحق «الفيتو» وعززت قدرتهم في مقاضاة الدولة الممتنعة عن الدفع، في حين كان يفترض في المصارف ومساهميها بدلا عن ذلك أن يستدعوا ما لديهم من أموال خاصة في الداخل أو في الخارج لزيادة الرسملة وتعزيز السيولة ورفع معدلات سحوبات المودعين.

وفي وقت اعتبرت وكالة «موديز» الدولية في تقرير لها أمس «ان تخلّف الحكومة اللبنانية عن تسديد الديون سيكون له تأثير سلبي كبير على الصحة المالية للمصارف مما سيؤدي إلى تقويض الاقتصاد والموازنة العامة للدولة وخسائر كبيرة للدائنين من القطاع الخاص في ضوء قدرة القطاع العام على امتصاص الخسائر.

 وفي غمرة هذا الواقع بكل ما فيه من صعوبات، تفاخر الحكومة بأنها تمارس الحكم بـ «شفافية» و«صراحة» في التعاطي مع وضع نقدي ومالي متدهور، وهو  اعتراف لا يقدّم ولا يؤخّر ما دام الواقع المعترف به هو العجز وعدم القدرة، بدلا من اجتراح الحلول.. فماذا عساه يرتجى من شفافية وصراحة «حكومة طوارئ» علقت عليها الآمال للمباشرة بعملية انقاذ مالي ونقدي واقتصادي من خلال خطة شاملة، أشار اليها رئيس الحكومة في بيانه الأخير، ودون أن يدري أحد حتى الآن ما هي هذه الخطة وما هي تفاصيلها وتداعياتها وهل ستحقق الهدف المطلوب وكيف.. ومتى؟؟