بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تشرين الأول 2022 12:00ص «كفى تلطّي» وراء صندوق النقد... تحمّلوا مسؤولياتكم وحافظوا على ودائع الناس!!

حجم الخط
«بوحي من خطة التعافي وبالتنسيق مع صندوق النقد جهّزنا رزمة أولى من المشاريع الإصلاحية، التي تتضمن إقرار الموازنة والكابيتال كونترول ورفع السرية المصرفية وتوحيد سعر الصرف».
هذا ما صرّح به مؤخرا وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل، بالرغم من كل الانتقادات للخطة المذكورة التي وصفت بالتدميرية والتي تقضي على الثقة بالقطاع المصرفي الى الأبد بدل وضع قانون لحماية الودائع على غرار الذهب: هل هذا ما يمليه صندوق النقد ونحن مجبرون عليه؟!
الخبير المالي والمصرفي نيكولا شيخاني علّق على تعاطي الدولة مع الأزمة قائلا: بداية ان الدولة هي المسؤولة عن الأزمة بالدرجة الأولى، هي التي هدرت المال على مدى 30 سنة وتُهدر جراء سوء الإدارة والفساد، إذن هي المسؤولة عن 50% الى 60% عن الأزمة اللبنانية خصوصا أن دينها العام وصل الى 100 مليار دولار وخسارتها حسب الموازنة تُعدّ مزمنة، إذ ان آخر 20 سنة لم يكن عندها فائض وكانت سلبية، وإذا أضفنا سلبية ميزان المدفوعات آخر 12 سنة فان هذا ما يسمّى بالاقتصاد: عجزا مزدوجا «twin deficit». ونحن نعلم اقتصاديا انه حين يكون لدينا سلبية في هاتين النقطتين يذهب البلد الى انهيار اقتصادي حتمي بعد ثاني وثالث سنة: الدولة رأت هذه السلبية المتلازمة ولم تفعل شيئا، كل ما فُعل هو لإطفاء النار بدل تطوير الاقتصاد وتحسين مؤسسات وإعادة هيكلتها وتخفيض الإنفاق وتطوير خطة ورؤية اقتصادية.
وأوضح شيخاني «لا شيء من هذا القبيل قامت به الدولة: إذن مسؤولية الدولة كبيرة جدا إذ كان لديها هذا العجز في ميزان المدفوعات، وكان مصرف لبنان مجبرا أن يثبت الليرة وعلى مدى 15 سنة كلّفتنا 50 مليار دولار نضيفها على دينها 100 مليار دولار. إذن الكلفة التي تكبّدتها الدولة ومن خلالها الحكام هي 150 مليارا. برأيي ان مسؤوليات الدولة أولا وبين مصرف لبنان والمصارف بينما في خطة التعافي تقريبا 72 مليار دولار. فإذا حسبنا المسؤوليات بين سوء إدارة دين الخسارات والتعثر والميزانيات السلبية فان الدولة مسؤولة على 50% إذا لم نقل أكثر، والمركزي 25% والبنوك 25%. إذن لا يمكن للدولة أن تقول بأنها «لن تمد يدها الى جيبتها لأن لا مال لديها»، لأن الدولة غنية وليست مفلسة، انها متعثرة على ديونها لكنها غير مفلسة يمكنها أن تخلق أصولا من لا شيء. خصوصا ان لديها القوة والقدرة انها تملك أصولها وسيدة عليها مثل كل بلدان العالم، لكن يلزم تحسين الأصول وتطويرها كي تنتج أكثر ويموّلوا الاقتصاد والانتاج والخسائر. إذن إعادة هيكلتها مهم جدا. إذن لا يمكننا أن نتكلم بهذه الطريقة بل يجب أن نضع خطة متكاملة متماسكة كي نحافظ على أموال المودعين، أولا لأن الحفاظ عليها يردّ الثقة بالقطاع المالي والمصرفي بالدولة اللبنانية، للبنانيين داخليا وللمستثمرين خارجيا.
وتابع نيكولا شيخاني، وهو خرّيج جامعة هارفورد، «اليوم ضمن خطة الدولة التي يحاولون تمريرها فقرة 24/1 تعمل «هيركات» على أموال المودعين 57 الى 60 مليار دولار وهذا أمر غير مسموح لأن ضرب المودع من خلال خطة وقانون داخلي يضرب الثقة الى الأبد بالبلد وبالقطاع المصرفي وباقتصادنا. هذا ممنوع، كل الاقتصاديين العالميين يشددون على أن هناك الثقة ثم الثقة. إذن الأهم الحفاظ على أموال المودعين. خطة الدولة مرفوضة وهي تدميرية، هي خطة تصفية وليس إعفاء، يجب أن يعيدوا النظر بأوراقهم ويتكلموا بشكل صحيح، يتوجب على الدولة «أن تضع يدها على جيبتها» وتدعم الاقتصاد والشعب اللبناني، وتساعد المودعين لإستعادة أموالهم، وتضع شبكة أمان.
ولفت شيخاني مستغربا «ما هذا الكلام، بأن الدولة ليس لديها أموال وليست مسؤولة؟! هذا غير صحيح. فان مسؤولية كبيرة عليها، وتاليا على مصرف لبنان والمصارف، ثم نحن نريد محاسبة وليس الهروب، وقطع أموال المودعين هو هروب من المحاسبة. نريد أن نبني وطنا للأجيال المقبلة ليس لنصدّر أبناءنا الى الخارج كل 10 سنوات.
حان الوقت للتغيير.. كفى اختباء خلف صندوق النقد الدولي، فليقوموا بما يجب.
تجدر الإشارة الى ان لدى شيخاني خطة من 10 نقاط للخروج من الأزمة، 3 منها تفرض تدخّلا سياسيا لإنماء سريع للاقتصاد بأقل من سنة حيث يمكن أن نحسّن الناتج المحلي بـ50%، بداية يجب إصلاح الكهرباء لأنها تقوّي الانتاجية المحلية للصناعة والزراعة والخدمات، وتقوّي القوة الشرائية لأنها تخفف الضغط على جيوب العائلات لدفع المولدات وإعادة النمو والكهرباء، وتعيد الثقة بالدولة.
ثانيا ضبط الحدود بحرا وبرا وجوا، مما يدخل الى خزينة الدولة 3 مليارات دولار سنويا زيادة.
الحد من خروج الأموال والسيولة من خلال النازحين الذين يخرجون سنويا بين مليار ومليارين ونصف الى بلادهم وهذا نزيف.
النقاط الأخرى غير سياسية: تتمثل بتوحيد سعر الصرف، ووضع خطة نقدية ملائمة في بلد مدولر بنسبة كبيرة، ثم يجب إعادة هيكلة الدين العام، هذا الموضوع لا يذكرونه بل يتكلمون عن الخسائر.. الدين العام 100 مليار يجب إعادة هيكلتها بعدها إعادة هيكلة المصارف لإعادة الثقة بالقطاع ليصبح أصغر لكن أقوى. وكما يجب وضع قانون لحماية الودائع على غرار قانون حماية الذهب الذي أقرّ سنة 1986 بعدها لا نبيع أصول الدولة بل نخلق خطة صغيرة لإعادة السيولة تكلف البلد حوالي 10 مليار دولار، وهي موجودة في البنك المركزي والمصارف والبيوت، حين نعيد الثقة الى القطاع المصرفي تدخل فيه. يجب أن نرد السيولة كي ينطلق الاقتصاد مجددا.