بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 تشرين الثاني 2021 12:19ص ...وكلفة التعطيل كيف تُصرف؟ ومَن يعوّضها؟

حجم الخط
بينما نعيش أسوأ أزمة لبنانية وعالمية عرفها العالم في العصر الحديث، يتوقع المواطن أن تكثّف الحكومة اجتماعاتها وتعمل ليل نهار سعيا للخروج من الأزمة أو على الأقل لاتخاذ إجراءات تخفّف عن المواطن بعض المعاناة.. بدل ذلك نراهم يتفننون ويتقنون صنوف التعطيل: كل فريق من السياسيين يضع شروطه وإلا فلا اجتماعات ولا عمل ولا نشاط. في هذا الإطار احتسبت في أحد التقارير التلفزيونية فترات الفراغ في سدّة الرئاسة وفي فترة تشكيل الحكومة وتعطّل المجلس النيابي فتبيّن ان المدة فاقت التسع سنوات!: أليست هذه جريمة بحق اللبنانيين؟ متى ستصحو ضمائر المسؤولين؟ كم كلّف الاقتصاد هذا التعطيل؟ وكم تأخّرت المشاريع والقوانين؟ هل هو عقم يستوجب تغيير النظام أو الصيغة التوافقية؟ وما هي الأفكار المطروحة لحل هذه المعضلة؟

قدّر مستشار سابق للبنك الدولي الخسارة الاقتصادية لكل يوم تعطيل بـ 90 مليون دولار ولكم ان تحتسبوا سنوات من التعطيل لتعرفوا حجم الكارثة، ويقول الباحث الاقتصادي البروفيسور روك انوان مهنا ان الخسارة لا تقتصر على الـ90 مليون دولار يوميا بل اكثر لأن هذا الأمر يخلق تأثيرا سلبيا على سعر الصرف ونحن يلزمنا اليوم خلية أزمة تعمل 24 على 24 لحل الأمور الحياتية اليومية من سعر صرف وغلاء أسعار وتضخم وسعر محروقات وأدوية وغذاء.. هذا الموضوع كما اننا بأمسّ الحاجة للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي كحكومة وكل يوم تأخير يكبر فجوة الخسارة, والوقت الذي يلزمنا لإعادة الانتعاش للاقتصاد يطول وكلما تأخّرنا في البرنامج الإنقاذي تصبح الكلفة أعلى والمدة أطول لإعادة الانتعاش للاقتصاد.

وأشار الى اننا صحيح نعاني من أزمة نظام وهذه الديمقراطية التوافقية هي «بدعة» وتشلّ حركة المؤسسات والنظام التشغيلي، وقال: نحن بحاجة الى نظام تشغيلي جديد بغض النظر عن أي طرف سياسي يلجأ الى التوقف عن العمل ويشلّ حركة الحكومة. وأشار البروفيسور مهنا الى ان اعتماد اللامركزية تحلّ هذه المشكلة لكن للأسف لم تزل حبرا على ورق مع العلم انها متفق عليها في الطائف وفي ظل عدم وجودها هناك فكرة أن تحكم الموالاة وتبقى المعارضة خارج الحكم كما يحصل في بلدان أخرى وإلا سيظل أي فريق معترض بإمكانه شلّ عمل الحكومة فتتراكم الخسائر يوميا على حساب جيبة المواطن للأسف.

وعلّق رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين في العالم د. فؤاد زمكحل بالقول: لسوء الحظ ان الشلل صار من ضمن بيئتنا وحياتنا وإذا راقبنا الفترات التي كان البلد يعمل فيها وأقصد في وزارة رسمية أو مجلس نواب وبدون أي فراغ في أي مركز يمكن أن نحصي أياما وليس أسابيع أو أشهر. واليوم نعرف انه بحسب دستورنا يجب أن يكون لدينا سلطة تنفيذية تأخذ قرارات تنفّذ وتلاحق وسلطة تشريعية تقرّ قوانين ورؤساء ومدراء عامين، لكن إذا نظرنا الى الوراء لسنوات نلاحظ ان الفراغ كان مرافقا لنا في مواقع عدة ولهذا السبب نحن لا نتقدّم بل نتراجع يوما بعد يوم لأن الإدارة هي وضع خطة استراتيجية تتّبع وحين نصل الى بعض المكاسب أو النجاحات ننتقل الى خطة ثانية وهكذا... ولفت زمكحل الى انه يكفي أن ننظر الى الناتج المحلي في لبنان وكم تراجع وكم تبلغ الخسائر المباشرة وغير المباشرة لهذه السياسة التي تؤخّر الاقتصاد والشركات والإنماء لكنها في المقابل تربح السياسيين وتساعدهم للاستمرار وتقوّيهم في مراكزهم.

وأوضح الى اننا حين نقول الديمقراطية التوافقية في العنوان هناك تناقض مباشر لأن في الديمقراطية لا يوجد توافقية وهذا العنوان الذي اخترعناه في لبنان متناقض: لأن الديمقراطية تعني القبول بالتصويت الأكثرية وهكذا تسير الأمور في بلدان أخرى، لكن في لبنان إذا أردنا اتخاذ أي قرار يجب أن يوافق كل الأحزاب و18 طائفة وكل الأشخاص المعنيين فلا نصل الى أي نتيجة لا أقول انه لا يجب وجود توافق بل بالعكس أعني أن يوجد تجاذب وتنافس بالأفكار لكن يكون في الأرضية المثالية للتنافس أي في مجلس النواب الذي يمثل كل الشعب اللبناني لا في مجلس الوزراء لأنه كيان وظيفته الإدارة وليس أبدا بالتوافق بل باتباع استراتيجية واضحة تبعا لخطة: ناس تكون «مع» وناس «ضد» وفي النهاية الكل يقتنع للعمل بها وإذا نجحت يعني الكل نجح. لكن لسوء الحظ اليوم أي تكتل لديه ما لا يعجبه يمكنه أن يوقف العمل ويشلّ، ومن يعترض تلصق به تهم التخوين، للأسف لا يمكننا أن ندير بهذه الطريقة لا شركاتنا ولا البلد يجب على الكل السير بالعمل حين يكون هناك مصلحة مشتركة ومصلحة بلد ومواطنين.