بيروت - لبنان

اخر الأخبار

تكنولوجيا

5 حزيران 2023 12:00ص العالم السبراني وغزو فن التفاهة والتفكك الإجتماعي والأسري

حجم الخط
أضحت وسائل التواصل الإجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليوميَّة ، على مختلف أشكالها واستخداماتها بإيجابياتها وسلبياتها التي تدعمها بعض الشركات من خلال دعم المتطفلين ممن يعرضون المحتوى التافه والهابط والمقزز ...لتدعم فن التفاهة والتفكك الإجتماعي والأسري ، وعلى الرغم من أن هناك العديد من التطبيقات أنشأت لأغراض تثقيفية ، تعريفية ، ترويجية...إلا أن العديد من من يسمون أنفسهم مؤثرين استخدموها بهدف السخرية والتنمر وعرض التفاهات التي تساهم بتدمير المجتمع وتحد من رقي ثقافته.
وسائل التواصل الإجتماعي هي عبارة عن تكنولوجيا يتم استخدامها عبر شبكة الإنترنت العالمية من خلال الأجهزة اللوحية، بهدف إمكانية التفاعل مع المُستخدمين أفراداً وشركات كنشر الصور والمدونات والفيديوهات والألعاب  ووضع الإعلانات والترفيه والتسلية وتكوين صداقات جديدة إضافة الى تطوير عمليتي التعليم والأعمال من خلال منصات «الفيس بوك ،التويتر ،الأنستغرام ،السناب شات والتيك توك ...» وبهدف الترويج للمُنتجات والخدمات وقضاء الأوقات الممتعة من خلال المحتويات الهادفة، ولكن للأسف فهناك من يستخدم هذه المنصات لإنتهاك وتهديد خصوصيَّة الآخرين، وقد تُسبب بعض الحسابات المشاكل للبعض من خلال مقارنة النفس مع الآخرين ، والإصابة بحالة من الضغط النفسيّ والاكتئاب عند مقارنة البعض لواقعهم مع ما ينشره الآخرون فضلاً عن التنمر وفقدان التفاعل الحقيقي بين الناس، وإنعزال الأفراد عن المجتمع وعدم انتظام النوم بسبب الأشعة الزرقاء التي تسبب بدورها الإضطرابات...وما خفي كان أعظم ، فهناك من يقيم العلاقات غير الأخلاقية ويبتز الآخرين ويسطو على بعض الحسابات الشخصية ... وبالطبع فتدني الوعي الفكري وسهولة الشهرة ومسؤولية بعض الحكومات في تغذية مستنقعات التفاهة...أمور جعلت من التافهين في هذا العالم أن يحجزوا لأنفسهم أماكن بين طفيليات وجراثيم  المجتمع وخلاياه السرطانية التي تفتك به.
وللأسف فنحن نعيش في عصر التفاهة والإنحطاط الأخلاقي الَّذي جعل من «الرويبضة» مشاهير وشخصيات مؤثرة في المجتمع يتوافق معها المتابعون المتشابهون بالتفاهة وينفرون من الشخصيات النخبوية العميقة كونهم يستأنسون بهم وبإنحطاطهم.
يقول «أمبرتو إيكو» وهو فيلسوف إيطالي «إنَّ أدوات وسائل التواصل الإجتماعي تمنح حقّ الكلام لجيوش من الحمقى، ممن كانوا يتكلَّمون في الحانات وهم سكارى وكان يتمّ إسكاتهم من دون أن يتسبَّبوا بضرر للمجتمع، أما الآن، فلهم الحقّ في الكلام، مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل، إنَّه غزو البلهاء».
إنَّ الإستسلام لسيطرة هؤلاء «البلهاء» في وسائل التواصل الاجتماعي سيزيد التفاهة في المجتمع، وخصوصاً وأنهم  وللأسف الشديد الأكثر تأثيراً في العالم السبراني.
 لذا، يجب التصدّي لهم وردعهم بالشّكل والأسلوب الذي يتلاءم مع تلك المنصّات وعدم ترك السّاحة الافتراضية لهم.
لم أكتب مقالي هذا كي أكون كمن يبكي على الأطلال أو كي أقول أن الوضع لم يعد يحتمل، بل كي أعرض بعض المقترحات وأسمع من من سيقرأ مقالي بعض الحلول والمقترحات ، وأقول ما نفع أن يكون المرء صاحب فكر عظيم إن لم يكن قادراً على تقديمه بمفاهيمه المبسطة غير المعقدة لسهولة فهمه واستسياغه وإيصاله بالطريقة التي تفهمها الأجيال الشابة .
ومن الضروري أن يخلع المثقّف رداء المثالية والأسلوب الكلاسيكي كي يضمن التراكم المعرفيّ الذي يشكل بحد ذاته قوة جذب لدى المتابعين وبالتالي ردع للمتطفلين، وعلى المعنيين من الأجهزة الأمنية مقاضاة المتطفلين والتافهين كمقاضاة من يسرق الحسابات الشخصية ويقوم بأساليب الجرائم المعلوماتية ، فخطورة التافهين من «البلهاء» لا تقل خطورة عن المجرمين كونها تسرع عمليات تدني ثقافة المجتمع وإنحطاطه.