بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 كانون الثاني 2024 12:00ص ‏Palavas -بالافاس شعاعها يرسم الأفق والموج

حجم الخط
من يقصد مدينة مونبلييه-Montpellier، ولا يذهب إلى  بلافاس-  Palavas. ذلك المنتجع الرائع الذي يقع على شاطئ المتوسط. قبالة مدينة يرسم فيها شعاع الشمس، الأفق والموج. حيث يغدق نهر الليز-Lez أمواهه قبالتها. وحيث تتمدد الخلجان الرائعة الجمال حولها. وحيث يفترش الشاطئ اللماع رمله الفضي، وكأن كل حبة رمل من الفضة. وكأن كل قطرة ماء من النبع اللجين. 
 وصلنا إلى بالافاس- Palavas صباحا. كانون الثاني-2024 كانت الشمس فوقنا تسدل علينا مظلة من ذهب الشعاعات الرقيقة. من ذهب الشعاعات الدقيقة. كانت  أشعتها تغري بالنزول إلى البحر في عز كانون الثاني، فحل الشتاء. وكانت أرصفة المقاهي على القنوات التي تباعد بين الضفتين، ترحب بالزائرين، وقد هيأت لهم الطاولات تحت المظلات. تخشى على رؤوسهم من «ضربة شمس».
  تتناهى من بعيد، رائحة الشواء، من الأسماك المتنوعة، التي خرجت بسلال الصيادين من المراكب المقابلة، طازجة. تتقلب على المواقد. على المناقل. على جمر الشهوات، بالأفاوه اللذيذة، حتى تكون على قدر المحبة. وعلى قدر العزيمة. وعلى قدر العزومة.
 كانت السيارات والحافلات التي تقل الزائرين والمتنزهين، تصطف في المواقف المخصصة لها. كنا مجموعة من عائلتين. وكنا مجموعة من جيلين. وكنا مجموعة، من صبية و صبايا ورجال وسيدات. مشينا على مهل نأخذ طريقنا إلى حيث الرمل والبحر. طلبنا الهدوء في النواحي المخصصة للهدوء. وطلبنا المنارة حتى نرشد المراكب. نلوح لها بالأكف وبالشالات وبالمناديل، من بعيد.
 وقفنا طويلا أمام تمثال يرحب بنا: مجموعة من شخوص الأوائل الذي قصدوا هذا الشاطئ الجميل. منذ مئات السنين.أسسوا لنا منتجعا. أسسوا لنا مدينة صغيرة. أسسوا للزائرين منتزها، يروح عن نفوسهم. شقوا القناة. ربطوها بالنهر والبحر. ربطوها بالأفق والموج.
 ما هذة المدينة الصغيرة التي إسمها بالافاس- Palavas. تمر في سوقها العريق. تراه يرحب بالزائرين منذ مطلع الفجر حتى إنتصاف الليل. ترى الحوانيت الصغيرة تضيق بالمعجبين. ترى حوانيت اللبنانيين والسوريين، متآخية. توحدت حوانيتهم تحت أرزة هنا وأرزة هناك، دلالة منهم، على الشغف المكنون في الصدور للوطن الحبيب. للوطن الكبير. للوطن الصغير. للوطن الوديع.
 أهم ما يميز بالافاس-Palavas، شاطئها الرملي الجميل. يفرش رمله للزوار بكل نعمة. بكل هبة. بكل موهبة. وترى شعاع الشمس فوقه، يرسم الأفق والموج. كل شيء  هناك على الرمل، من الفضة والذهب. فهو مقصد الجميع من كل النواحي في مونبلليه- Montpllier.  وأكثر عشاقه من العرب.  جاؤوا إلى شمسه. جاؤوا إلى رمله يطلبون النجعة. يطلبون المنتجع.
صفحة المتوسط، كانت هادئة ظهيرة ذلك اليوم. لطالما كانت تغري بالنزول إليها. بالإنغماس في مائها في مطلع رأس السنة-2024. كانت العذوبة جزءا من لطافتها. كانت الشمس تلونها. وكانت الأمواج الهادئة ترسم فرح المتعانقين. لا شيء يمنع اللقاءات الحلوة بين الفتيان والفتيات. وكانت مواكب الزائرين تنتحي بين الأمكنة. تريد أن تكر على الأنظار شيئا جميلا من الأزمنة.  كان التاريخ. وكانت الجغرافيا. وكانت الأجيال. وكانت جميع الحقبات المتناسلة من بعضها، تجعل من الأشواق دفترا للذكريات.
خفت الأقدام الحافية إلى الرمل. إلى المنتجع الذهبي. إلى المقاعد والطاولات. إلى الصالات. إلى الحدائق المتصلة ببعضها، كأنها مرسومة بأقلام الفنانين. كأنها مرسومة بأحداق الزائرين. ما هذة الحدائق الملونة، الخارجة للتو من زينة الميلاد ورأس السنة.
 هناك إلى طاولة هادئة إنتهينا. كنا نرتشف القهوة. كنا نحتسي الأكواب، كما الشغف الذي يحتسي أكوابنا. وكانت المائدة لا تبخل علينا بأصنافها. فكل حلو وكل مالح. وكل كوب. بل كل الفناجين ، كانت تقرأ أكفنا. كانت تقرأ الحظ الجميل الذي تحوطنا. هنا على شاطئ وخلجان وقنوات وحدائق المدينة الصغيرة المحبوبة. على أرض بالافاسPalavas الحبيبة. رسمها خيط من الشمس، لأعيننا، وأرسل في إثرنا، شعاعا ولا أجمل. شعاعا ولا أدفأ،  وراء الأفق والموج، ينادي علينا. 

أستاذ في الجامعة اللبنانية