بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 آذار 2021 12:00ص أشلاء وشهداء

حجم الخط
بعد إنفجار المرفأ، إنكشفت الأشلاء، إنكشف الشهداء.. صاروا رسائل إلى العالم، صار أولياء الدم لهم قضية، صاروا أكثر تشبّثا بها، وأكثر عنادا في التنازل عنها.

لم يعد رؤساء الميليشيات، ولا رؤساء البلاد، بإمكانهم التنازل عنها، والدخول في صفقات.

لم يعد بإمكانهم المقايضة بها، بمنصب من هنا، ورئاسة من هناك. لم يعد بإمكان جبهات الإقليم أن تعمي عليها، لا بالنار ولا بالدخان.

بعد إنفجار المرفأ، أُعيد الإعتبار للشهداء ولأشلائهم. صاروا قضية، أعظم من التحرير الكذوب.. أعظم من المقاومة الكذوبة، أعظم من الرئيس الكذوب، أعظم من الميليشيات الكذوبة، أعظم من الدولة الكذوبة، أعظم من العالم الكذوب.

خرج الشهداء بأشلائهم، إلى الحرية.. صاروا هم القضية. صارت لهم نقابة تتحدث بإسمهم، وصار صوتهم مسموعا.. صار صوتهم مدويا.

إستيقظ دوي المرفأ، كل الشهداء دفعة واحدة.. من أول المئوية حتى آخرها الذي قضى في الإنفجار.

توحّد أولياء الدم في جبهة واحدة، ما عادوا سنّة ولا شيعة، ما عادوا دروزا ولا موارنة، ما عادوا فلسطينيين ولا لبنانيين، ما عادوا سوريين ولا سقطوا سهوا من عربات قوات الردع على طرقات لبنان.. إستيقظ دوي المرفأ فجأة جميع شهداء المقاومة الفلسطينية، وجميع شهداء المقاومة الللبنانية، وجميع شهداء الحركة الوطنية، وجميع شهداء المقاومة الإسلامية، وجميع شهداء وأشلاء ثورة الأرز وثورة تشرين الأول، من تاريخ إنطلاقتها، حتى دوي مدفع المرفأ، وما عادت تستكين.

استيقظت «شعلة الأمونيوم» في مرفأ بيروت، غروب الرابع من آب العام 2020، شعلة الحرية، لجميع الأشلاء والشهداء الذين رووا بدمائهم تراب لبنان، منذ الإستقلال حتى اليوم.

أيقظت «نقابتهم» دعوى المطالبة بحضور جميع أولياء الدم، للإجتماع أمام قصر العدل، وأمام المحكمة العسكرية، وأمام قصر الصنوبر، والمناداة بصوت واحد، لوحدة جميع شهداء وجميع أشلاء «المئوية».

وحدة أولياء الدم، صنوها وحدة الأشلاء والشهداء، خلال قرن، تطالب جميع من تعاقبوا على مخازن السلاح، جميع من تعاقبوا على قيادة الميليشيات، جميع من تعاقبوا على الأحزاب، جميع من تعاقبوا على الحكم وعلى الرئاسات والسلطات، لتقديم كشف الحساب.

بعد إنفجار المرفأ، لم يعد ما قبله.. أطلق دويه يقظة الشهداء ويقظة الأشلاء.

صاحت الدماء قولا واحدا: نريد الحقيقة لا أثمانها.. نريد حضور تجار الحروب وتجار المقاومة الكذوب، وجميع من تلوّثت أيديهم بالدماء، منذ مئة عام، وسوقهم إلى العدلية، لتقديم كشف الحساب.

أشلاء وشهداء وأولياء دماء، ينزلون إلى قصر العدل، يريدون الحقيقة، يريدون العدالة، يريدون الكرامة، يريدون وقف الجريمة في لبنان من أول العصر.

ما عادت تنطلي عليهم أشكال الحروب ولا ألوانها ولا أسماؤها ولا طوائفها ولا شعاراتها.. فليذهب العدل فورا إلى غايته، لإعتقال المجرمين، متلبّسين بالجريمة.

أشلاء وشهداء ودماء تصيح على باب أوليائها، لا تناموا بعد اليوم على هسيس الدماء.. لا تناموا بعد اليوم، قبل أن تقبضوا على الجريمة، وتنقذوا شعبكم.. تنقذوا شعب لبنان.. كل شعب لبنان، من هول الجريمة.


أستاذ في الجامعة اللبنانية