بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 نيسان 2020 12:00ص أصبح عمر الحرب على لبنان 45 عاماً وهي ما زالت مستمرّة

13 نيسان لم يعد التاريخ الوحيد المشؤوم في أجندة تاريخنا الحديث..

13 نيسان... البوسطة والبندقية 13 نيسان... البوسطة والبندقية
حجم الخط
رغم كل ما مرَّ بنا من ويلات وأهوال فإننا نرفض توصيف الحرب التي حصلت عام 1975 بـ «حرب لبنان»، بل هي الحرب على لبنان، وكان اللبنانيون أدوات بين أيدي من خطّط وأشعل الشرارات كلها لإنهاء النموذج اللبناني الفريد في المنطقة والعالم، ومن يراقب حالنا اليوم يلاحظ أن الحرب علينا لم تتوقف بعد، لكنها باتت تُشن بأسلحة أخرى آخرها اللقمة، بعدما ضربوا أقوى الماكينات المصرفية وأساءوا سمعتها بحيث لا يعود لنا من مغيث مرئي على وجه البسيطة وبالتالي نستسلم.

عشناها حروباً كثيرة ومتنوّعة، وكلما خرجنا بشق النفس من واحدة، أشعلوا بيننا حرباً أو حروباً أخرى تضغط بقوة على أحوالنا حتى نموت ولم نمت بعد. هل يُعقل أن حرباً في العصر الحديث للأمم تستمر هذه السنوات الطويلة ولا ترتاح، ونحن نتعجّب من عدم موتنا والإطباق قاسٍ ولئيم على أعناقنا، لكن المشكلة الكبرى أننا لا نتعلم، ولا نستوعب الدرس، وما زال الساسة بيننا يحاضرون في العفّة والأخلاق والقيم والوطنية، وجلّهم أخذ الكثير من الوطن ولم يُعط شيئاً، ومع ذلك ما زالوا يسرحون ويمرحون بيننا من دون خجل ونحن لم نعاقب أياً منهم ويبدو أننا لن نفعل أبداً.

لكن لو سألنا ما الذي نستطيعه اليوم وقد إبتُلينا بكل شيء حتى لم نعد نثق حتى بأنفسنا، كل معالم الحياة مقفلة لا نشاط البتّة، لا ثقافة ولا فنون ولا أحداث تُغيّر بعضاً من واقعنا، لقد سمعنا مليون رأي عن الذي أصابنا ما قبل الكورونا وما رافقها، لكننا لا نأخذ بها كلها ونعرف أمراً واحداً أننا نحن وراء كل ما يحصل، فرغم صعوبة وتعاقب التجارب المرّة لم نتعظ أو نتعلم، بل كلما إنتهينا من حفرة حفرنا واحدة أعمق ووقعنا فيها صاغرين لا نلوي على شيء. وإذا كان العام 2020 بدأ سيئاً جداً ودخلنا في شهره الرابع وهو يزداد سوءاً فما علينا أن ننتظر بعد وكل المواعيد التي كنا نحفظها غيباً ألغيت، بما يعني أن صيفنا تمّ قتله منذ الآن، لا مهرجانات، ولا أفراح بل أتراح تعقبها أتراح، وها هو الشهر الكريم قاب قوسين أو أدنى بينما كل التحضيرات له إصطدمت بالحائط، فأي صيام سيكون لنا والجوع بات علنياً، وأي عيد سيحلُّ علينا في نهايته، لا بل أي صورة لأهل بلدنا كلهم في حال بقي الوضع مجمّداً بالكامل. أسئلة ضرورية لمرحلة بالغة السواد في بلد لم يعرف لا الهدوء ولا الراحة ولا السلام ولا الفرح منذ إغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل 15 عاماً، فكم كان لهذه الهامة الوطنية من حسنات حتى نغرق من بعده في شتات وفوضى وإنعدام رؤية.

نريد على الأقل إلتقاط بعض الأنفاس لحياة كريمة، وكم نحتاج إلى وقت لاحقاً لكي نتلمّس خط الوجود والعيش في وقت تنكسر دول كبرى، وتعلن أخرى أن ما تواجهه اليوم أقسى مما عاشته في الحرب العالمية الثانية، لكننا قادرون في لحظات على إستعادة عدة تواريخ معاصرة باتت في إحباطها وصورها البشعة أسوأ بكثير من 13 نيسان 1975، لم تعد صدورنا تتسع لسهام جديدة، أجندتنا إمتلأت بالويلات وتضاعف حجم المعاناة في كل الأوساط، ولم نعد نثق في يومنا هذا بولادة بطل يخلّصنا من مآسينا، لأننا نعتبر أن كل الأبطال سقطوا شهداء من أجلنا ولم نستفد من تضحياتهم.