بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 نيسان 2020 12:00ص أعمال الفنان سمير صايغ الحضارة الإسلامية ودورها الفني

من أعماله من أعماله
حجم الخط
ترتبط الخطوط في أعمال الفنان «سمير صايغ» (Samir Sayegh) بطقوس صوفية وحركة بعيدة عن الأنماط التقليدية في الخط ورسوماته المشتقة من روحانيات تنطوي على وعي بالتشكيل الهندسي والمعايير الجمالية المتناقضة، والمثيرة لجدليات تحتفظ بغموض المسارات المساعدة في تعزيز أسس الفن الإسلامي المعاصر، مع الاحتفاظ بتقنية هندسية إيمائية تتوافق مع التركيب البصري للحروف العربية، بعيداً عن الليونة بل وفق الخط وأصوله بين الأفقي والعامودي والمنحني والعلاقة المشتركة بينهم، وبين الحرف العربي تحديداً والبناء الهندسي المحتفظ بالمساحات ذات التغييرات الجزئية كالانتقال من الراء الى الألف ضمن السطور الأساسية أو القاعدة التي يهتم بها «سمير صايغ» جيومتريا مثل حرف القاف وتغيّراته التي تشهد على مستويات الخطوط وقدرتها على التشكيل الهندسي المتعلق بمفهوم الفن وتطوّراته الجيومترية، المختلطة بصرياً مع الفكرة التي ينطلق منها بعيداً عن تطوّرات الشكل الذي يتخذ في أعماله بُعداً هندسيا يضفي على الحرف غرابة جمالية تخلق نوعا من الحوارات الداخلية التي من شأنها فتح صورة جديدة للحضارة الإسلامية ودورها الفني في إبراز جمالية الخط العربي هندسيا، وبتحدّيات بنائية غير متوقعة رياضياً، ليؤكد على أهمية تحديد الخط لفهم روحانية الكلمة واتجاهاتها، إذ يسلّط الصايغ الضوء على الإنكسارات المدروسة داخليا وخارجيا للاحتفاظ بالفهم الجوهري للكلمة أو للحرف من حيث تأثيرات مقاييسه حسيا وعقليا. فهل تأثيرات الضوء في أعماله هي انكسارات الحروف بين تحت وفوق أو بين الراء والألف؟

الفن والحرف العربي والسياق الهندسي ثلاثية ينطلق منها الفنان «سمير صايغ» لخلق تقنيات شفافة غير مرئية في بعض منها إلا انها توحي بنقاط أساسية منتظمة في التشكيل الحيوي، وبديناميكية دقيقة ومنضبطة في تحوّلاتها على السطر الواحد، ليبدو الخط قوياً وثابتا، ويرتكز على المفاهيم في التناسب والتوافق والتفاعل الهندسي بين النسب الذهبية التي يحتفظ بها، ليوحي بالحركة والسكون على الخط الواحد، كحرف الباء أو التاء أو حتى القاف الذي يضعه في ثبات بنائي ذي متغيّرات عديدة، وبترتيب للخطوط التي يتألف منها مع الاحتفاظ بتغيّرات الضوء والظل على هذا الحرف كمثل على التفاعل بين الفراغ والأوزان أو (خفيف، ثقيل أو عريض، رفيع)، وان بفلسفة بصرية نشأت عن قوة الحروف في التشكيل والتغيير والبناء في آن واحد. فهل التقط «سمير صايغ» كينونة الحرف العربي هندسيا ومنحها رؤيته البنائية التي تشكّل نوعا من هندسة خاصة تميل الى التكوين النحتي في بعض منها؟ أم أنه سعى الى تقديم رؤية جمالية للخط تنتمي للفن العربي المعاصر ان لم أقل الفن الإسلامي المعاصر؟

لا يتحرر الحرف من عبودية الضوء في أعمال الفنان «سمير صايغ» بل يتجسّد في تناغم تشعّ منه القدرة الحسابية للنقاط المتعددة التي يتألف منها كل حرف، وكأنه يضع النقاط في حالة من نشوة بصرية، لتكتسي بعد ذلك بالخطوط ومفاهيمها كعلامات محورية لهندسة انشأها من الحروف تحديداً، لتكون بمثابة المعابد النورانية والتجليّات الجمالية المنبثقة منها مثل حرف القاف تحديداً في أعماله أو التوافق التناسبي بين الظل والنور والقياس الهندسي ضمن مساحة بتنافس فيها المستقيم مع الدائرة، وبزوايا ضوئية يتدفق منها السكون للتعبير عن قيمة الوزن في تحديد الحركة، وعلاقتها بالأرقام بين النسب والتناسب الفعلي، وكأنه يضع معادلات كل حرف قبل البدء بالبناء البصري للحرف، وبهذا هو يجعل من كل حرف معبداً نورانيا محتفظا بإيماءات تخيّلية كسمة تصويرية للحرف أو الخط، وبتقطيع مهيب صعوداً أو نزولاً، هو مقاطع صوتية نغمية تتحرر من الشكل وعناصر بنائه، ليوحي بنطق الحرف من خلال شكله في أبجدياته الهندسية. فهل للحرف في أعمال الفنان سمير صايغ ميزة صوتية؟



dohamol@hotmail.com