بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 أيلول 2019 12:02ص أعمال الفنان منير العيد.. تحقيق قيَم جمالية ونقد للأفكار السلبية

من أعماله من أعماله
حجم الخط
يكشف الفنان «منير العيد» (Mounir Alied) عن الجوانب الإنسانية في أعماله الفنية حيّث يمنح الوجوه قدرة تعبيرية يشحنها بالمعاناة، فيوحي بالمحيط الحياتي أو الاجتماعي القادر على المحاكاة التشكيلية وعواملها البصرية ذات الامتداد المضموني في سبيل تحقيق قيم جمال والنقد المكافح للأفكار السلبية الناتجة عن الصعوبات والتحدّيات التي تجمع الإنسان بالطبيعة والألوان، وبفلسفة البقاء وخصائصها في لوحات تنمُّ عن لغة ذات أحاسيس تحلّق بالوجدان وتتخذ صفة منطقية لحياة يخشوشن فيها الإنسان، فلا تسمح له إلا بالاحتفاظ بصدى الوجوه، وما تكتنزه من تفاصيل مخبوءة تحمل الكثير من التخيّلات والانفعالات التي تسمو جماليا مع الاحساس فيها ، فتتراءى المعاني من خلال الأشكال التي تحقق فنيا انصياع الريشة للمتناقضات والتقاطعات بين المضمون والأسلوب، لاستخراج كل ما من شأنه أن يضع الإنسان في حالة من الشلل، فيجعل من الموضوع الذي يتناوله في لوحاته حالات عابرة دون تكرار أو تراكم بعيداً عن الكوارث التي تصيب الإنسان كالحروب وانتفاضات الطبيعة بكسر التعتيم معتمداً على الألوان النارية التي ترمز الى الإيجابيات رغم المتاعب، ليحيط بالوجوه المتأثرة بحركة فرشاته وبتناغم وإنصهار، مما يؤثّر على أبعاد المعاني من سلوكيات ونظرة الآخرين لبعضهم البعض مصوّرا الأحداث بطريقته الخاصة.

تتشابه التصوّرات وتختلف بين الوجوه وأشكالها بحيث تتميّز في أعمال الفنان «منير العيد» من حيث الأحجام والفراغات التي تتشكّل تلقائيا في المخيّلة، لإدراك الواقع ضمن تصوّرات الأشخاص في بيئة واحدة لا جدوى فيها من نظرة الآخرين لبعضهم البعض. أيضا يثير جدلية تشكيلية من خلال ما تمثله كل لوحة في أعماله هذه التي تؤدّي دورها الاجتماعي والإنساني دون أن تزعزع أهمية ما يطرحه، وما تضفي على الواقع من أهمية وجودية للإنسان الذي يحتفظ بوجهات النظر المؤثرة على سلوكياته المطموسة لونيا بضبابية غير بارزة بصريا، وإنما يخفيها بمواربة بين الألوان الزاهية، ليبقي على الأمل مزروعا بلغة البقاء والاستمرارية. فهل استطاع «منير العيد» وضعنا في لب المعاناة الإنسانية من خلال الفن التشكيلي ونظرته الإيجابية الميّالة الى خلق فكرة السلام والجمال والفن من الوجوه كافة دون تشتت بصري، وبتأكيد على قوة الصراعات التي تؤدّي الى التهجير وانتزاع الإنسان من محيطه أو بيئته التي جمعته بالآخرين؟

تتسامى الألوان وفق منظومة التعبيرات التي يطلقها من الأحاسيس العارمة بالوجدانيات، وبكثير من الدهشة التشكيلية التي يحافظ عليها دون عزوف عن خلق المعاناة، ليشير الى المتاعب الإنسانية في الحياة ومقاومتها بشكل إيجابي، وان بلغت من السلبيات حدّها الواسع، ليبقي على الضوضاء البصرية من خلال الألوان وناريتها والضوء والقدرة على توزيعه، لتأجيج التعاطف الإنساني مع ما يطرحه من جدليات أو اشكاليات لمعنى التهجير والنزوح وانتزاع الأطفال من محيطهم أو بيئتهم وتأثيراتها عليهم، بفن يرخي ثقله الاجتماعي على التفاصيل، وبمعايير نسبية يشحذها لتجذب البصر الى بؤرة ما تمثله اللوحات أو معانيها من أزمات تخضع لتفسيرات وتأويلات متعددة منها السلبي والإيجابي تؤدّي كل منها الى اضطرام المشاعر. إذ يكشف عن هموم ريشته وواقعها المتمثل بنتائج الصراعات رغم مواصلة الحياة بالتحدّي للبقاء، وبهذا تمثّل لوحات الفنان «منير العيد» المجتمعات المكافحة ببساطة إيحائية يوظّفها دلاليا لتوجيه البصر الى الفكرة المستخلصة من الواقع البعيد عن التخيّلات أو بالأحرى الواقع المرّ الذي يسرق من الطفولة السكينة والاستقرار والهدوء والسلام. فهل شدّة الألوان تمثّل شدّة الأوجاع في الأحزان وتوهج المسرّات التي ينتظرها الإنسان، وهل من تناقض بين التوهج والسطوع؟

أعمال الفنان «منير العيد» (Mounir Alied) من مجموعة متحف فرحات.