بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 تشرين الأول 2023 12:00ص أعمال الفنانة إيسا كاريللو: غموض اللاوعي الفني في الحاضر بواقعه الحدسي

حجم الخط
تبحث الفنانة المكسيكية «إيسا كاريللو» (Isa Carrillo) عن محفزات الوعي الحياتي من خلال الفن البصري بمفاهيمه الغامضة، باستبطان فيزيائي تثير من خلاله قيمة غموض اللاوعي الفني في الحاضر بواقعه الحدسي. إذ تهتم بالكشف عن التناسب اللامرئي مع الملموس، وأثر التجاذب بين الكتلة والفراغ، لإظهار سلبيات وإيجابيات ما الذي لا نراه، ولكنه موجود كنقطة تنطلق منها نحو المحسوس من الملموس، بتصورات مرئية وأخرى غير مرئية، لتزيل أقنعة المادة عن الفن، خاصة فيما يتعلق بالكونيات والأنظمة المتعلقة بأحاسيس الوعي بين العتمة والنور، بمعنى الظواهر التي لا نملك لها تفسيرات رغم قيامها على أسس معيارية مرئية محسوبة بدقة، لكنها تتضمن كنه المادة المحرّكة للأشياء، كالروح في الجسد والحقيقة الفكرية لحيوات تطوي بعضها البعض، ويستمر الإنسان في التكاثر عبر الحياة التي يسأل باستمرار عن أسرارها؟ فهل تحاول «إيسا كاريللو» إحداث إسقاطات لاواعية لتلتقط الظواهر النفسية التي نشعر بها من خلال الحدس؟ أم أن تأمّل أعمالها هو محاولة للتعمّق في كل شيء نراه ولا ندرك سر انجذابنا إليه؟ وهل نمتلك الكثير من الأفكار في اللاوعي ولكننا نحتاج للحظة التي تتفجر فيها؟ أم هو التناقض بين الظاهر والباطن في أعمالها الفنية المحملة بترابط محبوك بين الوعي واللاوعي؟ وهل يمكن اكتشاف الوجود بما هو موجود عندما نحل مسألة الغموض فيزيائيا؟ أم أننا من خلال الواقع الحدسي نستطيع الإرتقاء إنسانيا لإدراك النظام الكوني ونحن جزء منه؟
تضفي «إيسا كاريللو» على اللاوعي ما تشعر به من غيبيات من خلال الخطوط والنقاط المتوازنة التي تمثل شبكة بصرية تهدف من خلالها إلى خلق نوع من المؤلفات المتحركة في معناها، والثابتة في مبناها، لخلق نوع من التضاد في متناقضات تجمعها قدر الإمكان في رسومات لكل منها حياتها أو وجودها الذي انبثقت منها فما هو من الأرض له تشكيله وما هو من الكون له تشكيله، واكتشافاتها على عدة مستويات فيزيائية ورياضية وحتى كيميائية، لفتح الفكر نحو أهداف الأشياء التي ترسمها أو ترفعها من المادي إلى الحسي. إذ تقوم بإزالة الظواهر غير المفهومة واللامرئية عن واقع تتركه ضمن قوانين الفيزياء في الكون، وفق إسقاطات المادة من خلال اللاوعي، وكأنها تبحث عن ماهية الروح أو كنه الأشياء التي تغادرنا، وتتلاشى عبر النظام الكوني من خلال أنظمتها الفنية التي تبثّها نوعا من الكونيا ت عبر النقاط أو الأجرام أو حتى الكتل، في الفن الذي تعتبره أيضاً نوعا من الكائنات الحسية التي ينتجها الإنسان، وتوجد من حولنا عبر إيقاعات مختلفة في الحياة، كما هي الحال في الموسيقى والأرض. فرسوماتها تفرض نوعا من التأمّلات الفلسفية والأخرى علمية، وكأنها تمارس نوعا من الروحانيات، لكن بعقلانية تسبح عبرها إلى الأنظمة الكونية أو كما يقول الفلاسفة إلى سر الأسرار، والتفقّه في تركيبات الأجرام السماوية ومعانيها، وقدراتها على التماسك في الوجود أو فضاءات الوعي الذي نتحسسه بصريا في كل شيء نراه، ويجعلنا نفكر في ماهيته ووجوده لخلق قوة في الوعي الإنساني من خلال جمالية الوجود، لتسمح بانفتاح العقل في التفكّر بالموازين الكونية التي تنعكس فينا، وتكشف عن الارتباطات بالمادة التي تمسك الأشياء ولا تسمح لها بالإنفلات، وإن برزت بتزاوج بين الفن والرؤية العلمية للكون للبحث عن الدوافع الغامضة التي تدفعنا لتحليل كل ذلك من خلال الرسم. فهل الجمال الكوني يجعلنا إبداعياً نتقن فن التفكّر لتولد المعادلات الذاتية من عمق النفس؟ أم أن فن الرسم يحمل الكثير من الفلسفات التي تثير التفكّر في الجسد والمادة والروح؟