بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 تموز 2020 12:00ص أعمال الفنانة كلير كنوكس بنهام متاهات التشابك

حجم الخط
تشير رسومات الفنانة «كلير كنوكس بنهام» (Claire Knox Bentham) إلى أن هناك عدة أنواع من الفنون التي تنتمي إلى الحرف الفنية إن صحّ تسميتها بذلك، فهي تعتمد عى اللون المشبع، والمادة القادرة على خلق ليونة تسخّرها لتنفيذ رسوماتها الأقرب إلى الكروشيه، في حين هي تعتمد على المستخرجة من الجامدة التي حوّلتها الى متحركة خفيفة في وقت واحد أو تلك التي تمتد إلى ما لا نهاية، وتنساب في طراوة، لتتشابك خيوطها مع المفاهيم الجمالية التي تعتمدها في مشغولاتها، رغم أنها لم تبتعد عن التشكيل أو الفن المفاهيمي، إلا أنها أستطاعت إيجاد صيغة للتوغل في متاهات التشابك والتزاحم الكمي، لإظهار قيمة الفراغات غير الفوضوية، وإن بدت في قمة الفوضى الخطوطية أو الخيوطية، مما يجعل الحركة في أعمالها تشفّ عن تلاقي الأفكار عبر مسارات متعددة المستويات، بعيدا عن الالتزام التشكيلي الذي تفرضه الريشة والألوان، فالخيوط هي شبكة عنكبوتية دقيقة التنظيم وقادرة على ترجمة التخيّلات الداخلية، والأكثر نفاذا الى صميم الشكل، كالوجوه والأحجام الشفافة، والمعاني الإيحائية الأخرى الأكثر جمالية من حيث التجليّات المرتبطة بالخفي منها أو الظاهر مع الاحتفاظ بقيمة ذلك الغموض الذي ينكشف شيئا فشئيا، كلما تتبعنا مسار الخيوط، وكأنها لا نهائية وان بدا التكرار كمقاطع بصرية ذات إيقاعات خارجية، إلا انها تكتسي بالألوان المشبعة، وبروحانية تجعلنا نتذوّق هذا الفن الذي يبدو غريبا وصعبا للغاية، إلا انه يتميّز بالانكشاف وبالقدرة على مشاكسة المخيّلة التي تحاول فك عقد الخيوط، لتمنحها صفة الخطوط في فن هو أقرب للكروشيه القديم الحديث أو القدرة على صياغة ونسج رسومات وفق التفاعل مع المادة بعيدا عن الألوان السائلة، مستبدلة الخيوط التي تتميّز بالليونة المتكوّنة من المادة الجامدة، أو ان صحّ وصفها بذلك، لأنها تخضع لنظريات تشكيلية مغايرة متجددة في استكشافاتها الفنية نحو اللامحدود في الخط الذي يتشابك مع نفسه وفق أحادية اللون، ليدخل البصر في متاهاتها ويبحث عن ذاته عبر الأشكال التي يكتشفها. فهل من اختلاف بين الظاهر والمخفي، وبين الفن والحرف كالكروشيه مثلا في فن اللوحة حيث يتبلور الفن، على عكس الحرف داخل الخطاب الفني التشكيلي؟

ما من ثنائية في الخط في أعمال الفنانة «كلير بنهام» أو الأحرى أحادية الخيط في تجمعاته أو تكتلاته الذي يتخطى القيود والمعايير التشكيلية في تجمعاته، ليتحرر مع الفنانة «كلير كنوكس بنهام» ويدخل ضمن آفاق متعددة جماليا، وكانها تنسج من عالم الخيوط عوالمها الشاعرية دون أن تبتعد عن حقيقة المادة بين يديها التي تجعلها في التزام فني، لخلق تفاعلات جوهرية تستند على الفراغات، وقدرة التشابك في تعظيم مقدرة الخيال على سبر أغوار النفس الإنسانية الباحثة عن الجمال في كل مكان، وضمن التجمعات المثيرة للأعصاب، مما يتركها فوضوية في ظاهرها إلا انها تمنحها خفّة في الأوزان، وان بصريا لتحافظ على متانة الخيط وأسراره، وقدرته على الرسم وضمن مفاهيم التناقص والتزايد بين المساحات لمقاييس محددة تحددها وفق بصيرة فنية روّضتها، لترسم بالخيط بدل الريشة وباللون الواحد، وان تشعبت درجات الفواتح أو حتى الداكن في بعض اللوحات، إلا أنها في الغالب اتقنت رسومتها كحرفة تمثل نوعا من الكروشيه الفني الذي تبارز به الألوان، وبنسيج يثير الحواس ويخلق دهشة بل ويثير الكثير من التساؤلات نحو هذا الفن. فهل هو حرفي مفاهيمي أم تشكيلي وأن تكون من مادة الخيط؟


dohamol@hotmail.com