13 أيلول 2023 12:00ص أوهام

حجم الخط
توهّمتُ أنني تعلّمتُ الكثير، وإن التجارب التي مررتُ بها تكفي... لكن الذي فاتني أن أتعلّمه أن أقول «لا» في الوقت المناسب، كان عليّ أن أفعل ذلك منذ سنين، فأنا لم أنحنِ أبدا، لأن حياتي ملكي ولن أهبها لأحد، ولكن تُخيفني أنصاف الإبتسامات والظلال التي تتعقّبني وليست ظلّي.. لكن الوحدة أغوتني والبُعد عن الناس أسعدني، ومن يومها أطفأت الأضواء وأقفلت الشبابيك ورحت أمشي حافي القدمين وهذا سرّني كثيراً... ذات صباح وضعتُ وردة وكوب ماء على حافة النافذة، وانتظرت.. بعد هنيهة حطّ عصفور، شرب الماء وأخذ الوردة، فابتسمت.. ورحت أردّد بصوت خفيض: أيّها الحبّ الذي أرّقني أخشى عليك، كلّما لاعبت نسمة، أقمار ياسمين حديقتي المهجورة.. أخشى أن لا تعانق جيد حبيبتي.. قلبي أيّها الليل براكين زهور.. ولكن هل ما زال هناك متّسع من العمر لأحملها الى حبيبتي.. وأنا أيّها الليل ما زالت تُسعدني الأراجيح المعلقة على أغصان الأشجار حين أضيع بينها وألتقي بذاك الطفل الذي يأبى أن يفارقني، وأنا سعيدٌ جداً به، لأنه الوحيد الذي يجعلني آخر الليل أبتسم وأحياناً أُقهقه.. ولا أُصدّق أنني في زمن مضى «كنته»..
* * *
أمضي وحيداً في العراء.. لا لغة لي ولا زمن.. أنتظر تفتح وردة.. أنتظر عودة المطر الى حديقتي المنسية، فأنا لم أنم يا زهرة الرمان منذ زارني ذاك الحزن وتركني وحيداً..
تاهت خطواتي ودفاتري وأقلامي وتبعثرت حكاياتي.. كان عليّ أن أصرخ في وجه الدنيا، ولليلي أمدّ يديّا وأدع قلبي يبوح بالذي يضنيه، فلا يُسكته صمت عيون دامعات، ولا يغفو فوق صدري، قلقي وضجري وتوتر قلبي ولساني، فأطوف مبتهجاً بأشباحي وذكرياتي وحين يناديني الليل، تناديني الكلمات.. أحاول أن أحيا من جديد.. لكن الأفئدة الهالعات شهقت والأغنيات نزفت.. جعلتني فريسة ضعيفة مستسلمة لقدرها.. ورغم ذلك صرخت الشمس في وجهي وقالت: إيّاك أن تلتفت إلى الخلف، ليس هناك ألم تصعب مواجهته.. حرامٌ يا صديقي أن تضيّع في الأوهام عمرك..