بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تموز 2023 12:00ص إلغاء الآخر

حجم الخط
نقرأ ونسمع في هذه الأيام العجاف الدعوة الى حوار وطني جامع من أجل الخروج من المأزق الذي أوقعنا أنفسنا فيه بمباركة من عدة جهات، ولا ندري إن كانت هذه الدعوات (المباركة) عن حسن نيّة وخوفاً على ما تبقّى في الوطن بعد انهيار العديد من أركانه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وصارت الدعوة إلى الخلاص تتخذ أشكالاً مخيفة، أقلّها (الطلاق) بالتراضي!! وهنا يجب الاعتراف بأن الدخول الى عوالم السادة السرية صعب إن لم يكن مستحيلاً، رغم أن الأهداف معلومة، لأننا في زمن الإعلام المفتوح..
أما الأسرار فتبقى في الصدور وما يردّده السادة إياهم، ما هو إلّا ذر الرماد في العيون، لأن الجميع على ما يبدو يريد التعامل مع من يشبهه أو يطيعه، مع العلم أن هذه الأساليب لا تنقذ الأوطان ولا تعيد بنائها بعد الخراب الذي تسبّبت به تلك الفئة، كلّ فترة من الزمن، لأن شعارها (الأمر لي) وخلفيتها الفكرية قائمة على نموذج الأسياد والعبيد، التي تعيدنا إلى تلك الحقبات التي عرفها الإنسان بعد اكتشافه الزراعة واستقراره حول ضفاف الأنهار، إلى جانب اكتشاف الدولاب الذي قرّب المسافات عبر عربات تجرّها الخيول وقيام الممالك والامبراطوريات المعروفة في ذلك الزمن التي كان من أهدافها استعباد الآخر وإلغاء وجوده إن عصا أوامرها، أمام هذا الواقع، أشرقت الأنوار حين بدأت التجمعات البشرية في ابتكار نوعية جديدة من الأنظمة بشّر بها الفلاسفة المعروفين وهي تناقض الفكر الإلغائي، فاستنبطت قوانين تنظّم حياة البشر، وقد تطوّرت فيما بعد، عبر الحوار الذي يعتبر أرقى أشكال الممارسة الديمقراطية، ولكن رغم كل هذا التطوّر هناك من يسعى لإلغاء الآخر المختلف، ومن يفضّل حوار العراك بالأيدي وبالرصاص والمسيّرات، رافضاً الإلتزام بأهمية الكلمة وحكمة العقل وما يجمع البشر ويقوّي روابط الودّ بينهم، وخاصة أن أخطار الذكاء الإصطناعي الذي اخترعه بعض البشر يهدّد الوجود الإنساني على سطح كرتنا الزرقاء الجميلة، والمؤشرات الأولى بدأت بالظهور!!